شبه متابعون للشأن العمالي «الاستقدام الأعمى» للعمالة ب «المرض العضال» الذي بدأ يضرب بقوة في جذور المدن الرئيسية في المملكة، وبات يشكل هاجساً مخيفاً لكل مخططي التنمية بأنواعها، إن كانت مستدامة أو طويلة أو قصيرة الأجل لدرجة أنهم أصبحوا يفكرون ملياً في إيجاد حلول سريعة وفعالة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل استفحاله. ويؤكد الخبير الاستثماري في شؤون الاستقدام والعمالة الأجنبية محمد الغامدي أن مشكلات الاستقدام الأعمى بدأت تطفو على السطح، من أبرزها استهلاك كمية كبيرة من التأشيرات للعمالة من غير فائدة تذكر، وهو ما يؤدي إلى كثرة العمالة السائبة داخل المدن، فضلاً عن تسببها بإرباك مباشر لسوق العمل، مؤكداً أنها تمنح فرصة للمتاجرة غير الشرعية في تأشيرات استقدام العمالة. ويشير إلى أن المتاجرة بالتأشيرات تؤدي في غالب الأحيان إلى ظهور عدد إضافي من المشكلات، في مقدمها تجمع كمية تأشيرات مهولة لا تحتاجها سوق العمل، فضلاً عن سحب دخولات كثير من العمالة بنسب تصل في أحيان كثيرة إلى 40 في المئة من أجورهم، وهي بالتالي ما يدفعهم إلى العمل في أعمال اخرى لتعويض هذه الدفوعات غير المستحقة. ولفت إلى أن العامل لا يستطيع أن يفلت من عنق المالك كونه يظل مجبراً على دفع مبالغ له، لأنه في حال رفضه أو مماطلته فإن صاحب العمل لن يجدد إقامته النظامية، وهذا بحد ذاته يدخل العامل في مشكلات أخرى، تؤثر فيه سلباً وعلى نظامية عمله وإقامته داخل المكان الذي يعمل أو يسكن فيه. من جانبها، تؤكد سيدة الأعمال السعودية حنان مدني أن المشكلة تعود في الأساس لأمرين لا ثالث لهما الأول هو نظام الاستقدام المتبع داخل السعودية، فهو لا يوفر كثيراً من المزايا والخصائص التي تحمي العامل أو حتى صاحب العمل في بعض الأحيان، بينما يكمن الأمر الثاني في تعقيد الإجراءات الحكومية الخاصة بأنظمة الاستقدام، ما يضطر صاحب العمل في أحيان كثيرة إلى اللجوء إلى العمالة السائبة لسد النقص الحاصل عليه، نظراً إلى أن شروط الاستقدام كبيرة وكثيرة ومتشعبة، ولا تفضي إلى الوصول إلى النتيجة المطلوبة خصوصاً من صاحب العمل. وتعتبر أن الحل يكمن في إنشاء شركات سعودية اختصاصية تضمن للعامل وصاحب العمل الاستقدام المقنن سواء للعمالة الأجنبية، أو حتى لتثبيت المهن المراد الاكتفاء منها، على أن تكون هذه الشركات وسيطاً جيداً بين العامل وصاحب العمل، إضافةً إلى الوازع النفسي الذي يجب أن يكون حاضراً في المعاملات كافة.