اعتبرت المخرجة السورية هالة العبدالله قبيل عرض فيلمها عن الكاريكاتور الذي افتتح مهرجان الفيلم الوثائقي في أبو ظبي أن الأفلام ورسوم الكاريكاتور تشكل “سلاحاً يخيف النظام السوري”، وسواه من الدول غير الديموقراطية. وقالت العبدالله في تمهيدها لعرض فيلمها “كما لو أننا نمسك بكوبرا.. إن السينما سلاح يخيف النظام السوري، وتحديداً الأفلام الوثائقية، لذلك فإن النظام قتل وقمع وسجن سينمائيين”، مشيرة خصوصاً إلى المخرجين باسل شحادة، وتامر العوام، اللذين عادا من أوروبا لينضما إلى الإعلام المعارض للرئيس بشار الأسد، قبل أن يقتل الأول في حمص وسط البلاد، والثاني في حلب (شمال)، بنيران القوات النظامية في الأسابيع الماضية، إضافة إلى سينمائيين آخرين جرى توقيفهم، وكان آخرهم مهندس الصوت غانم المير، الذي كان يعمل ضمن فريق المخرج محمد ملص. وتصور عبدالله “كما لو أننا نمسك بكوبرا”، وهي تتابع أخبار بلادها النازفة ليل نهار عبر الإنترنت، وتحكي أن جسدها في مكان وروحها في مكان آخر، بينما يدور الفيلم الذي يستغرق ساعتين كاملتين حول سقف الحرية المتاح لفناني الكاريكاتير في سوريا ومصر. وبجانب هذا البحث والمقابلات مع الرسامين، تبحث المخرجة مع الكاتبة المعارضة سمر يزبك في سقف الحرية المتاح للصحافي والكاتب، وإمكانية تناوله لمختلف القضايا السياسية والاجتماعية ومناقشته مفاهيم الحق والعدالة. وبدأت هالة العبدالله تصوير الفيلم في سوريا قبل اندلاع الاحتجاجات، ثم عدلت في مضمونه عندما لم يعد متاحاً لها التوجه إلى سوريا. وهو يتضمن لقاء عبر سكايب مع رسام الكاريكاتور المعارض علي فرزات الذي تعرض لاعتداء عنيف، وتهشيم لأصابعه، على خلفية مواقفه المعارضة للنظام، ولقاء مع الرسام الشاب حازم الحموي الذي يرى في الرسم “عملية إنقاذ” للحياة. وكان المشروع يرمي إلى تتبع فنانين من الجزائر وفلسطين، إضافة إلى سوريا ومصر، لكن ثورات “الربيع العربي” غيرت من مساره. ويشبه علي فرزات في الفيلم عمل رسام الكاريكاتور بأنه كمن يمسك بكوبرا عليه معرفة التقاطها، لئلا تقضي عليه، ويقصد بذلك معرفة كيفية اللعب مع الممنوع، وتوسيع السقف والحدود. وبحسب العبدالله، فإن السلطات الإماراتية امتنعت عن منح علي فرزات تأشيرة دخول بسبب رسم يعود إلى العام 1983 اعتبرها عدد من المسؤولين العرب مسيئة لهم، ويقول فرزات عنه أن فيه “إدانة عامة للدكتاتورية والقمع والتسلط، دون أن يعني شخصاً معيناً”. واعتبرت العبدالله قرار منع فرزات من دخول الإمارات “دليلاً على أن الأنظمة تخاف من الكاريكاتور، وأن لهذا الفن وقعه وتأثيره الكبيرين”. وكان علي فرزات منح مساء الجمعة في بروكسل جائزة ساخاروف لحرية الفكر من رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، والجائزة منحت له العام الماضي، لكنه لم يتمكن من تسلمها لوجوده في مصحة للعلاج بعد الاعتداء العنيف عليه في سوريا. ويمنح البرلمان الأوروبي هذه الجائزة كل سنة للمدافعين عن حقوق الإنسان في العالم. وعلى غرار علي فرزات، فإن أجيالاً من الشباب في مصر تحاول دائماً توسيع حدود المتاح، من أيام الرئيس السابق حسني مبارك، وصولاً إلى يومنا هذا الذي يشهد حضوراً قوياً للتيارات الدينية في مصر يثير مخاوف في أوساط الفنانين والمثقفين، وفي ظل تعرض الرسامين لهجمات وانتقادات على شبكات التواصل الاجتماعية. ومن بين الرسامين الشباب الذين صورتهم العبدالله في فيلمها، الرسامة الشابة دعاء العدل، التي تعتبر أول امرأة رسامة كاريكاتور في الصحف اليومية المصرية مع استمرارية تجاوزت سبع سنوات في هذا الحقل. كما يصور الشريط فنان الكاريكاتور المصري المخضرم محي الدين اللباد، قبل أيام من رحيله، ويصور تأثر الجيل الجديد من الرسامين بعمله، كما بعمل علي فرزات. أ ف ب | أبوظبي