رفض باحثان تاريخيان في القطيفوالأحساء الاستنتاجات التي توصّل إليها الباحث حسين السلهام، وقال فيها إن موقع بلاد «هجَر» القديمة هو الموقع المحدّد حالياً بين شاطئيْ العزيزية ونصف القمر، وليس في حدود محافظة الأحساء الحالية. وجاء هذا الرفض تجديداً لخلاف سابق بين الباحث السلهام والباحثين عبدالخالق الجنبي وخالد النزر. السلهام طرح فكرته في محاضرة استضافها منتدى الغدير الأدبي في القطيف قبل أيام، وتناول فيها فصلاً من كتابه «ساحل القرامطة»، وأكد فيها اعتقاده أن «هجر ليست الأحساء الحديثة، وأن أحساء القرامطة تقع بين العزيزية وشاطئ نصف القمر». وهو ما يرفضه الجنبي، الذي اعتبر ذلك «زعماً لا يستند إلى منهج علمي»، واصفاً السلهام بأنه «يكتب معتمداً على العاطفة»، متهماً إياه ب «نقل هجر إلى موقع جغرافيّ لأن الموقع محسوب على القطيف في الحدود القديمة». وعلّق الجنبي «هذا ليس عملاً موضوعياً، وإذا كان التاريخ بهذه الكيفية فعلى التاريخ السلام». وكان السلهام، قد أثار اللبس الواقع في تحديد موقع هجر التاريخي عند المؤرخين المعاصرين، رابطاً ذلك بما قام به العثمانيون في القرن العاشر من إعادة تسمية المنطقة كلها باسم «لواء الأحساء» بعد تقسيمها إلى دوائر، فصارت القطيف والعقير وقطر كلها تتبع لآيلة الأحساء، في حين كان اسم الأحساء قديماً يخص مدينة صغيرة لا تنتمي إلى بلاد البحرين التاريخية التي كانت هجر من توابعها الرئيسية، بحسب السلهام. واستند السلهام، إلى ما اعتبره أدلةً في دعم أطروحته، مستعيناً بشعرٍ لامرئ القيس والحارث بن حلزة ولبيد، من أصحاب المعلقات في الجاهلية ومَن بعدهم. كما استعان بشواهد من الحديث النبوي، واستعرض أقوال مؤرخين وجغرافيين. وقال إن «مدينة هجر دمرها القرامطة في القرن الثالث فاختفت، وانتهت، وانتقل مسماها إلى غيرها». وأضاف أن «ما يتسالم عليه المؤرخون الآن من تسمية هجر بالأحساء هو ما لا تجده عند المؤرخين قبل الفترة العثمانية»، وأورد السلهام، شواهد ونصوصاً تاريخية لأبي الفداء «لا تجزم بموقع أحساء القرامطة، ولا تقدر على تحديدها». كما أورد نصوصاً لياقوت الحموي والمسعودي والنويري، مستنتجاً «أن هجر التي تكلم عنها المؤرخون القدامى هي غير الأحساء الحالية التي يتحدث عنها المعاصرون، وهو الأمر الذي دفع البريطاني لويمر في بداية القرن العشرين إلى أن يذكر أن اسم هجر لا يطلق على مكان محدد»، على حسب تعبير السلهام. السلهام، أثار أيضاً الجدل حول مواقع الصفا والمشقر وجواثى، واختلف الباحث خالد النزر، مع وصفه بأنه «مسلمات تاريخية واضحة». وبحسب الجنبي؛ فإن «هجر القديمة تقع في واحة الأحساء الحالية بالقرب من جبل القارة»، معتبراً أن استنتاجات السلهام «لا تستطيع أن تنهض أمام البحث العلمي». كما اتهم الجنبي، السلهام بأنه «استوحى» كتابه «ساحل القرامطة» من المستشرق الإنجليزي تشارلز بلجريف الذي عمل قنصلاً في البحرين، وألّف كتاباً سماه «ساحل القراصنة»، وأضاف «السلهام استوحى فكرة بلجريف من وضع القرامطة مقابل القراصنة في الوصف التاريخي». يذكر أن السلهام أصدر «ساحل القرامطة» رداً على كتابٍ للجنبي عنوانه «هجر وقصباتها الثلاث»، وسبق أن تواجه الباحثان في جدليات شملت مواقع ومسميات وأحداثاً في تاريخ المنطقة الشرقية وجغرافيتها. خالد النزر