تقدر المنظمات الدولية عدد الجوعى في العالم بمليار جائع، إلا أن رقم الفاقد الغذائي لهذا الجوع قد بلغ أرقاماً مفزعة تنسب السبب الرئيس في الجوع إلى «الهدر السفيه» الذي تقوم به دول العالم المتقدمة حيث مليارات الأطنان من هذا الغذاء تُلقى في سلال قمامة تلك الدول دون اكتراث بالملايين الذين يموتون جوعاً في الدول النامية، وخاصةً في القارة الإفريقية التي طال نهب ثرواتها لمئات السنين دون أي اهتمام ب«الضحايا»! وتقدر منظمة الأغذية ذلك الهدر بثلث الإنتاج العالمي وبحجم مليار و300 طن تساوي قيمتها ترليون دولار مع توقع تخطي جوعى العالم خلال السنوات المقبلة لرقم مليار، وكذلك توقع زيادة سكان العالم إلى سبعة مليارات من البشر، وتستحوذ البلدان الصناعية الكبرى على ضعف قيمة الغذاء المهدور بما يقدر ب690 مليار دولار، وتأتي الولاياتالمتحدة على رأس تلك الدول حيث تضم سلال قمامتها %40 من حجم الغذاء المتوفر لديها في إهدار كميات هائلة من المياه التي أنتج بها هذا الغذاء ومعها 300 مليون برميل من النفط! ويقول الخبراء أن بريطانيا تلقى %25 من الغذاء في سلال القمامة، وان استهلاك المواطن الامريكي لا يزيد يومياً عن 2300 وحدة حرارية من 3800 وحدة متاحة له مما أدى لزيادة استهلاكه ومعه زيادة وزنه ونفقاته الصحية، ويقدر هؤلاء أن البلدان المتقدمة تهدر 222 مليون طن وهو ما يعادل احتياجات سكان جنوب الصحراء الأفريقية الذي يموت ثلثهم جوعاً. ولا يقتصر ذلك التبذير الغذائي على الدول المتقدمة، وإنما تشارك في هذا الهدر الدول النامية كذلك بما يتراوح بين 10 و%60 من ناتج محاصيلها، بما يُقدر بنحو 13 مليار يورو سنوياً وبمعدل 530 يورو سنوياً للأسرة الواحدة. ولعل ما يثير حيرة الباحثين وخبراء الغذاء العالميين هو تلك المعادلة الصعبة بين المنتج والمستهلك، وما بينهما من هدر، وأن ما يثير قلق هؤلاء أكثر من الحيرة هو التساؤل حول إمكانية أن يأتي يوم يجوع فيه العالم بكثرة الاستهلاك والهدر مع ما يحيط ذلك من تغييرات متنامية ليست إيجابية، أم ان العالم سوف يتفق على حل توافقي بين الأطراف؟ لا أعتقد!