البيانات والمؤشرات والدلالات تشير الى احتمال وجود تهريب لمشتقات النفط السعودي بكميات تجارية خارج البلاد، حيث بلغ استهلاك السوق المحلية السعودية من النفط الخام حوالي 2.8 مليون برميل يومياً خلال عام 2010م. ويتوقع أن يصل استهلاك السوق المحلية إلى 3 ملايين برميل يومياً خلال عام 2011م، وهو ما يعني أن قيمة استهلاك السوق المحلية من مشتقات النفط تجاوزت 420 مليار ريال خلال عام 2011م على أساس الأسعار العالمية (104.5 دولار للبرميل)، أي أكثر من ثلث الإيرادات العامة للدولة. لقد احتلت المملكة المرتبة السادسة عالمياً في استهلاك النفط خلال عام 2010م، وإذا استمر نمو الاستهلاك المحلي من النفط بنفس الوتيرة فستتخطى المملكة دولتي روسيا الاتحادية والهند، وستحتل المرتبة الرابعة عالمياً خلال السنوات القليلة القادمة. استهلاك السوق المحلية السعودية من النفط الخام تجاوز الحدود المنطقية المقبولة من الناحية الاقتصادية، والرسم البياني يعطي إشارات تحذيرية قوية - يصعب تجاهلها - إلى احتمال تهريب مشتقات النفط السعودي بكميات تجارية خارج البلاد، حيث يلاحظ خلال الفترة من عام 1971م إلى 2002م قوة الارتباط بين تغير الأسعار العالمية وكميات الاستهلاك المحلية من النفط الخام. وما يؤكد هذه الشكوك أن العلاقة بينهما تلاشت تماماً منذ عام 2003م إلى الآن نتيجة للارتفاعات الكبيرة في أسعار النفط العالمية. وهناك دلالات قوية على أن الكميات المستهلكة من النفط الخام في المملكة غير مبررة من الناحية الاقتصادية. فقد سجلت المملكة أعلى نسبة استهلاك من النفط الخام إلى إجمالي الناتج المحلي، حيث بلغت 18,1% في عام 2010م . كما بلغ معدل الاستهلاك إلى عدد السكان 108 برميل يومياً لكل 1000 نسمة. وهذه نسب مرتفعة جداً مقارنة ببقية دول العالم. والجدول المرفق يقارن بين كميات الاستهلاك من النفط الخام وحجم الناتج المحلي الإجمالي وعدد السكان لسبع عشرة دولة سجلت أعلى معدلات استهلاك النفط خلال عام 2010م. ويلاحظ من الجدول أن قيمة استهلاك السعودية من النفط بلغت 80.5 مليار ريال (301.9 مليار ريال) في عام 2010م على أساس 79.5 دولار للبرميل. في حين تقدر قيمة الاستهلاك في عام 2011م بحوالي 113,0 مليار دولار (423,9 مليار ريال) على أساس 104,2 دولار للبرميل. ويرجح ألا يتجاوز الاستهلاك الطبيعي الذي يتناسب مع حجم الاقتصاد وعدد السكان ثلث كميات استهلاك السوق المحلية من مشتقات النفط الخام. وقد يتعذر تخفيض كميات الاستهلاك الحالية للحدود الطبيعية دون تصحيح أسعار مشتقات النفط لتتناسب مع الأسعار العالمية مع تعويض الطبقات الفقيرة والمتوسطة ودعم قطاعات الاقتصاد الحقيقي المتضررة. وفي هذه الحالة سيجني المجتمع مكاسب اقتصادية هائلة من وقف عمليات تهريب مشتقات النفط الخام. ويتوقع أن ينجم عن هذا القرار تهيئة البيئة الاقتصادية المناسبة لتطوير وسائل النقل العام وتعظيم المنافع الاقتصادية التي سيجنيها المجتمع من مشروع ربط مدن وقرى المملكة بشبكة قطارات متطورة. [email protected] * مستشار اقتصادي