في ماليزيا استطاع مهاتير محمد تغيير وجه دولة كاملة خلال عشرين عاماً، ورفع صادراتها من خمسة مليارات إلى أكثر من 520 مليار دولار سنوياً، استطاع ذلك القائد الحقيقي تحويل بلد كان يعتمد على الإنتاج الزراعي فقط، إلى آخر متقدم يمثل ناتج قطاعي الخدمات والصناعة فيه 90 في المائة من ناتجه الإجمالي، في تلك الفترة تضاعف دخل الفرد السنوي سبع مرات، وانخفضت البطالة إلى 3 في المائة، وانتشل 48 في المائة من تحت خط الفقر ليصبحوا 5 في المائة من السكان عندما سلم السلطة لخلفه وهو بكامل قواه العقلية، كل ذلك كان خلال عشرين عاماً قضاها في سدة الحكم، أما وزارة التربية والتعليم والخدمة المدنية والمالية فقد عجزت عن حل مشكلة تسعة آلاف خريجة من دبلوم الكليات التربوية المتوسطة على مستوى مدن المملكة قضين نفس الأعوام العشرين التي بنيت فيها دولة بأكملها في بطالة لا ذنب لهن فيها سوى أنهن تخرجن من كليات معتمدة لتعليم فنون التدريس وإعداد معلمات المستقبل -على حد زعمها- للمرحلة الابتدائية. عشرون عاماً مضت من أعمارهن بعد التخرج وهن يبحثن عن الحل فلا يجدن إلا الوعود بتشكيل لجنة فأخرى، بعد أن تنصلت وزارة التربية والتعليم الوريث الشرعي لما كان يسمى الرئاسة العامة لتعليم البنات وهي الجهة المسؤولة عن افتتاح تلك الكليات وإدارتها واعتماد خططها الدراسية، كونهن لا يحملن شهادة (البكالوريوس) بالرغم من أن تلك الوزارة كالت بمكيالين عندما لم تنظر لذلك (العذر) حين وظفت خريجي الكليات المتوسطة من الرجال في مدارسها، واستثنت وزارة الخدمة المدنية أسمائهن من الأمر الملكي المؤكد على استحداث 52 ألف وظيفة للمواطنين والمواطنات الذي جاء برقم أ-121 وتاريخ 2/7/1432 ه وتضمن إيجاد الحلول العاجلة لمعالجة أوضاع المعدين والمعدات للتدريس (دون أن يحدد المؤهل) التي بلغ عدد ما خصص منها للوظائف التعليمية النسوية 28 ألف وظيفة. تلك المعاناة لم تقف عند هذا المنعطف، بل حتى طيب الذكر (حافز) لم يعر اهتماما لهن بحجة تجاوز أعمارهن الخامسة والثلاثين عاماً ورفضتهن الشركات والمؤسسات الحكومية الأخرى التي صرحت بأن لا مكان لهن بحجه شهادتهن التربوية التي لا تتناسب إلا في مواقع التربية والتعليم. إن وجود تسعة آلاف خريجة من الكليات المتوسطة في نفق البطالة منذ عام 1413ه، بعد اجتيازهن سنوات الدراسة التي امتدت لعامين كاملين قضينها في تلك الكليات التي أغلقت دون سابق إنذار وتبعه إلغاء كامل المستويات والبنود الوظيفية لها ودون أن ينظر أولئك السادة المسؤولين متخذي قرار الإغلاق في تصحيح وضع من درسن في تلك الكليات الحاصلات على الدبلوم التربوي والذي لا يحتاج إلى مرسوم ملكي بقدر احتياجه إلى تقدير تلك الوزارات لمسؤوليتها في ظهور تلك المشكلة، وعدم حلها طوال تلك السنوات والعمل على إيجاد البدائل الحقيقية والفورية لتوظيف تلك النسوة اللاتي دخلن تلك الكليات على أمل إيجاد الفرص الوظيفية المشروعة التي تؤمن لهن الحياة الهانئة دون أي مماطلة أو لجان رئيسية ومنبثقة أو متابعة دقيقة كما يقول مصدر مسؤول رفيع المستوى بإدارة الشئون المالية والإدارية في وزارة التربية والتعليم في أحد تصريحاته الصحفية. إن خطأ بعض القيادات السابقة في وزارة التربية والتعليم والخدمة المدنية الذين يجب أن يكونوا ضمن قائمة هيئة مكافحة الفساد لمحاسبتهم ومقاضاتهم بسبب الأضرار النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي حلت بخريجات (الدبلوم) خاصة وأن منهن الأرملة والمطلقة ومن تبحث عن لقمة العيش لتلبية احتياجاتها، يجب ان لا تتحمله تسعة آلاف خريجة من بناتنا واللاتي قاربن على سن التقاعد المبكر، فالواجب على تلك الوزارات المعنية كوزارة التربية والتعليم تصحيح خطئها وشطب عبارة (الوضع تحت الدراسة)، كما عالجت مشكلة خريجات معاهد المعلمات، حيث تم تعيينهن على وظائف إدارية ليتم توجيههن إلى الإدارات والمدارس على دفعات، وأن تنظر وزارتا الخدمة المدنية والمالية دون أن يتحججا بعدم التوظيف أو استحالة استحداث وظائف على المستوى الثالث لتلك الفئة، من الوجهة الحقوقية وأحقيتهن بالعمل الذي يؤكده القانون وتوصية مجلس الشورى التي أيدت الموقف الإنساني والقانوني لخريجات دبلوم كليات التربية المتوسطة، فالوقت حان لظهور قادة حقيقيين لإنهاء هذا (المسلسل) الطويل، وأن تنعم خريجات (الدبلوم) بحقهن في العمل وينعمن أيضا بتعويضهن عن الأضرار التي لحقت بهن طوال تلك السنوات المهدرة من حياتهن دون أن يكن سببا في ذلك.