نشر مركز الأمن الأمريكي الجديد دراسة استشرافية هذا الشهر يشير فيها إلى خمسة سيناريوهات محتملة لسوريا، نتناول في هذا المقال فحوى ثلاثة سيناوريوهات وردت فيه، على أن يتم عرض السيناريوهات المتبقية في مقال الأسبوع المقبل. وفقاً للتقرير الذي أعدّته ميليسا دالتون، التي عملت في وزارة الدفاع الأمريكية، يتضمن السيناريو الأول إمكانية اغتيال الأسد من قِبل المعارضة، يليها إعلان الأخيرة الانتصار على النظام السوري، لكنّ المشكلة في هذا السيناريو كما تقول الدراسة إمكانية انتشار الفوضى واستغلال القاعدة هذه الأجواء من عدم اليقين لتعزز مواقعها في الداخل السوري مترافقة مع الاستمرار الحر في البلاد لعدة أعوام أخرى. لكن المثير في هذا السيناريو أنّ التقرير يقول إنّ بعض الموالين للأسد لن يتخلوا عن السلطة، وإنه بسبب الفوضى القائمة وعدم توافر الوقت المتاح للمعارضة لتنفيذ أجندة انتقال سياسي نتيجة للموت المفاجئ للأسد، فان بعض أركان النظام قد يستفيدون من الوقت المتاح لتعزيز موقعهم وذلك بدعم من إيران وروسيا.أما السيناريو الثاني، فيتضمن رحيل الأسد ومجموعة من النظام معه إلى الخارج سواء تم ذلك بمفاوضات أو باتفاق أو بتدخل خارجي تركي على الأرجح أو بعمل عسكري. ويقوم الجيش السوري الحر بدعم ومساعدات دولية بالسيطرة على المناطق الرئيسة وإلحاق الهزيمة بجيش النظام في المدن الكبرى حلب ودمشق ويحصدون ثماراً في مدن مختلفة. وفي هذا السيناريو يتحد المقاتلون مع المنشقين رفيعي المستوى ومسؤولين سابقين منخفضي المستوى لتأليف حكومة انتقالية، ويتم تهميش القاعدة في هذه الخطوة خاصة مع تنامي مصداقية المعارضة التي تقود العملية الانتقالية، التي تعطي ضمانات للأقليات والمسؤولين السابقين. كما تستمر النزاعات في البلد على مستوى منخفض في وقت تكون فيه مؤسسات الدولة ضعيفة بسبب الأحداث السابقة في هذا السيناريو حتى تبسط لمعارضة سلطتها وتنجز العملية الانتقالية ويتحسن الوضع الأمني، حيث يكمن التحدي الأساس في كيفية التعامل مع التركيبة الأمنية العسكرية السابقة التابعة للنظام. وفيما يتعلق بالسيناريو الثالث، يشير التقرير إلى أنه يتضمن استمرار ما يسميه الحرب الأهلية في سوريا وتصاعد العنف والطائفية، وبعد صراع مرير وتدريجي يتفكك النظام ويرحل الأسد بالقوة أو يموت. ويعدّ هذا السيناريو من أصعب السيناريوهات نظراً للاستنزاف الذي يدخل فيه كل اللاعبين المحليين والإقليميين والدوليين. كما أنّ مرحلة ما بعد الأسد وفقاً لهذا السيناريو لن تكون بأسهل من المرحلة السابقة، إذ ستكون المعارضة منهكة ولدولة ضعيفة، وقد يسيطر لوردات الحرب على مناطق مختلفة، كما أنّ قدرة الخارج على مساعدة المعارضة السورية قد تضعف وقد لا يكون هناك اهتمام بعملية إعادة إعمار سوريا، لكن الأهم في هذا المجال إمكانية استغلال إيران الفراغ الحاصل لتعزيز نفوذها وتأثيرها كما فعلت في العراق ولبنان.