الغلو في أي شيء يُخرجه عن إطاره الصحيح؛ وأرى أن أوْلى الناس بمحاربة الغلو في الدين هم علماؤنا الأفاضل، غير أنني سمعت أن أحد علمائنا الأجلاء حذر من الأناشيد الإسلامية؛ وأعلم أنه لم يحذر منها إلا لأدلةٍ شرعية يعلمها، ولكنني أود استيضاح الأمر، مع كامل الإكبار والإجلال والتقدير لمقام أي عالم أو فقيه قيل إنه حذر منها. وإليكم نص ما سمعت: (حذر أحد العلماء من الأناشيد الإسلامية، وقال بأنها تصد عن ذكر الله، وأنها تحاكي أصوات المغنين التي هي ضرر وشر وبلاء). ما أود استيضاحه هو: ما موقف علمائنا الأجلاء من النشيد الذي استقبلَ به الأنصارُ النبيَّ محمد- صلى الله عليه وسلم- عند دخوله المدينةالمنورة، فَرَحاً بمقدمه الميمون، وهو النشيد الذي يردده المسلمون منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، ولم يمله أحد حتى اليوم: “طلعَ البدرُ علينا من ثَنِيَّاتِ الوَداع.. وجب الشكر علينا ما دعا لله داع..” إلى آخر النشيد. نعلم أن الأناشيد الإسلامية تشتمل على الحمد، والثناء على الله ورسوله.. أما قول فضيلته عن أصوات المغنين، فأرى أن التغني شيء، والأغنية المصاحبة للمعازف شيء آخر؛ وقد جاء في الأحاديث الشريفة: “ما أذِنَ اللهُ لشيءٍ إِذْنَه لنبيّ يتغنى بالقرآن”، و”ليس منا من لم يتغن بالقرآن”، و”زينوا القرآنَ بأصواتكم”، وحديث أبي موسى “.. لو علمت أنك تستمع لحبرته لك تحبيراً”،وذلك عندما قال له – صلى الله عليه وسلم-”.. لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود”. والله أعلم.