انشغلت الأوساط السياسية العراقية بالانفراج السياسي بين حكومتي بغداد وأربيل بعد الاتفاق على تسوية الخلافات حول عقود النفط التي أبرمتها حكومة الإقليم الكردي مع شركات عالمية. وكشفت مصادر عراقية مطلعة في العاصمة الأردنية عمان ل «الشرق» أن هذا الاتفاق جاء نتاج مشاورات أجراها أكثر من وفد أمريكي وبدأت باتصالات هاتفية أجراها نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورئيس الإقليم الكردي مسعود برزاني، وانتهت بزيارة مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية وليم بيرنز للعراق، ومن ثَّم زيارة وفد كردي لواشنطن ولقائه مستشار الأمن القومي في مكتب بايدن، توني بلينكين. وكان الأخير قد دخل في جولة عاصفة من المناقشات الهاتفية مع القيادي في حزب الدعوة وعضو كتلة دولة القانون المقرب من المالكي، صادق الركابي، انتهت إلى موافقة حكومة بغداد على إلغاء فكرة تشكيل قوة عسكرية تواجه البيشمركة (قوات كردية مسلحة) على الحدود الفاصلة فيما يعرف بالمناطق المتنازع عليها بين الإقليم الكردي والحكومة المركزية بما في ذلك المناطق الحدودية التي تستخدمها البيشمركة في تدريب وتجهيز قوات المعارضة الكردية وتعد نقطة عبور خاصة لتجهيز قوات الجيش السوري الحر في مجال الاتصالات. وأكدت المصادر أن التوتر الحاصل بين الحكومة العراقية وقيادة إقليم كردستان «ينذر بتلاشي الآمال حول وجود ورقة للإصلاح»، واعتبرت انهيار العلاقات الوطنية بين القيادتين الكردية والعربية في أربيل وبغداد قد يفضي إلى حرب محدودة على الجبهة بين الإقليم والحكومة الاتحادية. وتأتي هذه التوقعات في ظل الانزعاج الشديد الذي شعر به بارزاني عندما قام بجولة على القطعات العسكرية الكردية «البيشمركة» في قرية القاهرة التابعة لبلدة زمار للاطلاع على واقعها الميداني في الثالث من سبتمبر الحالي وطلب لقاء قادة الجيش الاتحادي في تلك الناحية، لكنهم رغبوا في استطلاع رأي القيادات العليا بهذا الشأن قبل أن يسمحوا له بمقابلتهم، وأشارت المصادر إلى أن «الأوامر عادت بأنه لا يمكن لقادة الجيش العراقي في ربيعة مقابلة بارزاني، الأمر الذي أزعج الأخير جداً». ويشعر المالكي ب «الصدمة من مواقف الكتل السياسية في رفضهم لتشكيل قيادة عمليات دجلة»، ومواقفهم المؤدية لحكومة الإقليم الكردي، ولفتت هذه المصادر إلى أنه وجه انتقادا ل «القائمة العراقية والحزب الإسلامي» لانضمامهما إلى الموقف الكردي في رفض تشكيل «قيادة عمليات دجلة»، التي أعلنتها وزارة الدفاع، أوائل تموز الماضي، برئاسة قائد عمليات ديالى الفريق عبد الأمير الزيدي للإشراف على الملف الأمني في محافظتي ديالى وكركوك. وأشارت هذه المصادر العراقية في حديثها ل «الشرق» إلى أن مستشار الأمن القومي في مكتب بايدن ذكّر الركابي خلال مكالمة هاتفية عاصفة أن خطة تقسيم العراق إلى ثلاث ولايات شيعية وسنية وكردية مازالت مطروحة على طاولة نائب الرئيس الأمريكي.