نشرت مقالاً قبل حوالي تسعة أشهر في صحيفة شمس بعنوان (ليبيا.. فوضى الثوار والسلاح)، حذرت فيه من خطورة وضع المليشيات في ليبيا، وانتشار السلاح، وظهور الجماعات الإسلامية المتطرفة المحسوبة على القاعدة وغيرها، نشرت المقال بعد مقتل القذافي على أيدي الثوار، وقطع أصابع سيف الإسلام، تلك كانت مؤشرات على الفوضى ورفض القانون والنظام، والاتكال إلى شريعة الغاب، ولم تمض بضعة أشهر حتى قامت مجموعات من الرعاع والمرتزقة المدفوعين من قبل مجموعات من المتطرفيين، والإرهابين، باقتحام القنصلية الأمريكية في بنغازي، وقتل السفير رداً على فيلم أمريكي استهزأ برسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الغريب في الأمر هو الردود السخيفة واللامسؤولة من وكيل وزارة الداخلية الليبية في المؤتمر الصحفي، فالرجل لم يكفه تقاعس وزارته عن حماية السفارة، بل حمل حراس السفارة المسؤولية وحمل الأمريكان مسؤولية استفزاز المتظاهرين بإنتاج الفيلم المسيء للرسول، وبرر انسحاب أفراد الحماية بأن عددهم كان قليلاً مقارنة بالمتظاهرين المسلحين، واضطروا للانسحاب وأن وضعهم كان أشبه بالانتحار، أثناء مشاهدتي لكل تلك الإجابات من وكيل الوزارة تخيلت أن المؤتمر الصحفي هو لزعيم القاعدة في ليبيا، وليس لوكيل وزارة الداخلية المسؤولة عن بسط الأمن والاستقرار، وليس عنه ببعيد من قاموا بتلك العملية، لو فكر أولئك المتخلفون قبل أي عمل وسألوا أنفسهم عدة أسئلة، مثل هل السفير الأمريكي ساهم في الفيلم؟ هل السفير الأمريكي دعم الفيلم؟ ذلك التصرف الأحمق الغوغائي من قبل شرذمة متخلفة سيعود بضرر كبير على الإسلام والمسلمين، لقد ساهم الربيع العربي في صعود التيارات الدينية المتطرفة في ليبيا وتونس ومصر، وأصبحت سلطتهم تفوق سلطة دولهم ويمارسون الوصاية على مجتمعاتهم، من إيقاف المسرحيات، وهدم القبور، والتعرض للمثقفين، وفرض الحجاب والنقاب بالقوة. التساهل الملاحظ من قبل الحكومات الجديدة في دول الربيع العربي، مع التيارات الدينية المتطرفة هو أمر ستدفع ثمنه غالياً عاجلاً أم آجلاً، وحادثة مقتل السفير الأمريكي في ليبيا ستكون هي البداية لما ستقوم به هذه التيارات المتطرفة، الملاحظ الآن في ليبيا وجود مليشيات إسلامية مسلحة، كأنصار الشريعة التي مازالت محتفظة بسلاحها وترفض تسليمه لأجل أجندتها في المساومة مع الدولة الليبية، هذه الجماعة وغيرها هي خطر على المستقبل السياسي لليبيا، إذا تم تركها كي تقوى وتجند أعداداً أكبر من الأفراد، وتقوم بشراء كميات إضافية من الأسلحة، ونشر فكرها المتطرف سلمياً أو حتى تحت تهديد السلاح؛ ستؤدي لعواقب وخيمة، ينبغي على المجتمع الدولي تقديم الدعم الكامل لليبيا من خلال دعم تأسيس جيش قوي مدرب ومحاولة دمج المليشيات فيه، واستبعاد العناصر الإسلامية المتطرفة من المناصب الحكومية المدنية أو العسكرية كي لا تتحول ليبيا لجمهوية ديكاتورية تحت ستار الدين الإسلامي الحنيف. ليبيا أمام مفترق طرق، دعوات للاستقلال من الداخل، ونشاط جماعات متطرفة محسوبة على القاعدة، وانتشار كبير للأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، فإذا لم يساندها المجتمع الدولي ستتحول لنسخة من الصومال أو لبنان.