الكتابة في رأي الكاتب فرانتس كافكا هي: “انفتاح جرح ما”. وهي بالإضافة إلى ذلك فعل إبداع، حيث تقدم لنا حالة من الوعي الذاتي الذي يبرهن على ثقافة الكاتب وإبداعه.. فالقيمة الإبداعية التي تقدمها الكتابة هي نتيجة ثقافة المبدع وتجربته الإنسانية في الحياة وابتكاره الأسلوب الأمثل لتكون كتابته رصيداً للذاكرة الثقافية تنضوي تحت شعارها كثير من المفاهيم اللغوية والأدبية والجمالية. الكتابة الحقيقية تنبثق من ذات المبدع بعد إحداث بعض الصدمات التي تصور للكاتب واقعية الجرح وعمقه، وبالتالي بإمكانه أن ينتج للمتلقي كتابة تنويرية ونوعية بصياغة أنموذجية تستوعب عقلية النخب وغيرها من عقليات المثقفين.. على اعتبار أن الكتابة هوية تكشف عن زيف المجتمع وجماله من خلال النص، ولذا لابد للكاتب من أن يمارس سلطته الإبداعية ويتلمس حقيقة المشهد الذي يأتي في ذاكرته عبر استقراء كاف للمرحلة التي يعيشها. ممارسة الكتابة لذة بالرغم من الهاجس الكبير الذي يعتري الكاتب حين كتابته النص، والتفكير الشاغل الذي قد يسيطر على حياته؛ فكتابة نص ما يتطلب تحضيراً فكرياً ومعرفياً، ويحتاج إلى أن ينفتح الجرح باتساع ثقافة الكاتب بشكل استيعابي، فثقافة الكاتب قادرة على إزاحة الصراع الداخلي الذي قد يشكل قلقاً ربما يعاني منه، ومتى ما امتلك الكاتب الثقافة المنفتحة على خبرات طويلة فإن هذا مدعاة لأن تكون كتابته توطينا لكتابات أخرى، كما أن للكاتب الحق في أن يتمرد على نصه ويتجاوز محاذير الكتابة بشكل إبداعي، ذلك أن الكتابة بالدرجة الأولى إبداع وانتماء ولذة ممتعة.