هي الصحوة ذاتها، تعيد استنساخ نفسها وتدوير أدواتها خصوصاً إن اتصل الموضوع ب”الاختلاط” بكافة أنواعه العابرة والراسخة والمتغيرة فجاءت كذبة جامعة الأميرة نورة لتوقد رموز الصحوة ومريديهم قناديل العيب والاستنكار، ومكثري النواح على ما آل إليه مجتمع فرط في نسائه ودفعهن إلى المفاسد بحجة العلم والتعليم . الخطاب المزيف والمتهالك باسم تركية العنزي ُأنتج بغباء فريد إلا أنه معهود صحويا؛ إذ جاء برغبة الترويج لصورة تزعم وجود اختلاط في الجامعة. اللافت أن الاستقالة المزورة كانت احتجاجاً على الاختلاط ومع ذلك لم يرد اسم الرجل المدان الذي يتضاحك مع الطالبات أو المعيدات، كما أن سوء النية والاستهداف اتكأ على اسم لواحدة ما ينصرف إلى نية الإساءة إليها مع أن المنطق يفترض أن تكون الكاتبة متضامنة مع زميلتها وابنة قبيلتها. لم يتمعن “صحوي” واحد في تناقضات الخطاب، ولم ينتظر تثبتاً بل تسابقوا إلى توزيعه والاستشهاد به على فساد الجامعة ولو أنه كان صحيحاً لما كان طعناً في الجامعة لأنه استقالة فردية قد تكون لها مسبباتها. ووفق هذا القياس “الصحوي” فإن حالة واحدة أو موقفاً محدداً يكون مبرراً لنسف توجه أو مؤسسة كاملة لأن التهمة لديهم قائمة أصلاً وكل ماتحتاجه فتيل لإطلاق سعيرها وحرق الخصوم تشويها وتزويراً وتكذيباً دون أدنى معايير أخلاقية فلا فرق بين جاهل وأستاذ جامعي يرتدي عباءة العلم وهماً لينضم إلى جوقة النائحين والمتباكين مضيفاً زيفاً علميا لحالة “الهجولة” التي تكون السمة المشتركة بين أفراد كتيبة “الغيورين”. مرة أخرى يبرهن الصحويون أنهم يركضون في الوقت الضائع والاتجاه الخطأ فلا يزيدون المجتمع إلا وعياً ولايزداد وضعهم إلا انكشافاً. هو موسم جني التمر فلكل دورة منتهى.