ما يمكنني قوله هو أنني فخور حقاً بحواري هذا مع الفنان النجم تيم حسن، الذي لا أظنه بحاجة لتقديم من أي نوع، كل ما يمكنني قوله هو أنه كان يمكن لأسئلتي أن تبدو ساذجة، لولا إجابات فنان موهوب ومحصّن بثقافة عالية كالتي يتمتع بها الفنان تيم حسن، والتي نقلتها هنا حرفيا بتقويساتها وعلامات تعجبها كما وردتني، الأمر الآخر أنني وبعد أن وصلتني الردود على أسئلتي تمنيت فعلاً لو أن الحوار كان أطول مما هو، رغم أن مساحة الزاوية لا تسمح بغير قسمته على يومين متتاليين. س: الرياضي والممثل والمريض بداء السّكّر، الثلاثة يرتبطون بأجسادهم في علاقة آمنة ومخيفة، إلى أي مدى يمكنك الشهادة لمثل هذا الرأي بالصواب أو الخطأ فيما يخصك كممثل؟ ج: نعم يجب ويتحتم على الممثل «المخلص» لمهنته، أو صاحب أي مهنة يكون الجسد فيها شريكاً عضوياً فاعلاً، مراقبة جسده، الجسد وعاء الروح، بدونه لا تستطيع عناصر التعبير في الممثل أن تعمل، وفي حال وجود أي خلل فيه فلا ريب أن العطاء يتضرر، وقلت أعلاه «المخلص» قاصرا المعايير الأكاديمية كما درسناها، وكما هو متعارف عليه، لكن هذه المعايير ليست مفتاحاً وحيداً لباب الأداء المميز، فالموهبة والإقناع هما مربط الفرس، وخصوصا في التجربة المسرحية بشكل واضح، وإلى حد كبير في العلاقة مع الكاميرا، «جسدك حصانك إن صنته صانك» كما لسانك. س: أين يكمن سر الممثل، ذلك السر الذي إن كشفه للمتفرج، فَقَدَ أي إمكانية لإبهاره (هذا إن كان هناك سرّ فنّي، يمكنه أن يكون خطِراً لهذا الحدّ)؟ ج: لا أعتقد أن هناك سراً بهذه الخطورة، فالمتفرج بطبيعته يتآمر معك كممثل، ويتغاضى واعيا أو غير واعٍ، عن كثير مما يجد من نواقص لصالح متعته وفائدته، وليس مع الممثل فحسب بل مع العمل الفني ككل، لكن ربما لو عرف أننا مثلا، أقصد أغلبنا، عندما يبكي على حدث في المسلسل أو الفيلم، ربما يبكي على حدث آخر تماما شخصي أو عام، أو عندما نضحك على نكتة يرويها ممثل أمامنا في العمل، ربما نضحك على نكتة في داخلنا أجمل من تلك التي قيلت وسمعها المتفرج، وذلك كي تبدو مشاعرنا أصدق، أو مثلا في لقطة قريبة ما (big close) من وجه أحد الممثلين المنقطع في الصحراء بعد رحلة عناء!! تنهمر دمعة! بينما هو يمسك بيده التي لا تظهر في اللقطة بكوب نيسكافيه وفي الأخرى سيجارة! ليكمل تدخينه وشربه للنيسكافيه الذي تخللته هذه اللحظة الدرامية القاسية نظريا!، لكن كل هذا يظل ضعيفا أمام عشق المتفرج لهذا الفن الجميل ولن يفسره. س: في أخر رواياته «الرابح يبقى وحيداً» يحذِّر باولو كويللو من الممثل، يقول تقريباً على لسان إحدى شخصياته: (احذر الممثل إنه لم يتلبّس كل تلك الشخصيات إلّا هروبا من شخصيته)، أعتذر عن وقاحة الالتقاط، لكن ما رأيك بمثل هذه التهمة، كم تمنحها من الدّرجات في سُلَّمِ الصِّحّة؟! فاصل ونواصل غداً بإذن الله.