سجّلت هجمات الذئاب ارتفاعاً في عدد من مزارع القرى الواقعة قرب مناطق استيطانها في الجهتين الشرقية والغربية من شمال منطقة حائل، وذلك مع بدء موسم الافتراس والصيد الطبيعي الذي يمتد بدءاً من هذه الأيام حتى موعد نهاية الخريف (الذي يوافق في حائل أواخر يناير). ووقعت آخر هجمة مسجّلة الخميس الماضي حينما اقتحم ذئب مزرعة مأهولة شمال مدينة الخطة (45 كيلومترا شمال شرق حائل)، فرُشق بالرصاص وقُتل، وقبلها بيوم أعلن محمد الشمري من سكان مدينة موقق (65 كيلومترا شمال غرب حائل) عن تمكنه من قتل ذئبٍ بعد مطاردة استمرت أربع سنوات. وأضاف أن مقتل الذئب جاء نتيجة خطة نفذها مع عدد من أصدقائه وانتهت بالنجاح، وشُنق الذئب القتيل على عمود كهربائي عند أسوار المزرعة. واستناداً على إفادات مواطنين من المدن والبلدات المجاورة، فإن معدل الهجمات ارتفع عدة أضعاف خلال العامين الأخيرين، بسبب نقص غذاء الذئاب الطبيعي المتمثل في الطرائد من الطيور والحيوانات البرية، والتي لم تعد متوفرة بمستواها السابق نتيجة ظروفٍ عديدة، من بينها الجفاف العام والتغيرات الطقسية غير التقليدية على مستوى العواصف ودرجات الحرارة صيفاً وشتاءً، التي أثّرت بحدّة، وفق ملاحظة المقيمين هناك، على الوجود الحيواني الفطري. ويقول عبدالله المفضلي المقيم قرب بلدة الجلف (55 كيلومترا شمال شرق حائل) إن إقفال آلاف الفلاحين لمزارعهم خلال السنوات العشر الأخيرة، أدّى بشكلٍ مباشر إلى انقراض عشرات الأجناس الحيوانية الطبيعية في الجزء الشمالي الشرقي من حائل والتي كانت تعيش على وجود تلك المزارع والسكان، وبانحسار أعدادها لم تعد الذئاب تجد ما تأكله واضطرت إلى المغامرة بحياتها واقتحام القرى والمزارع القائمة بحثاً عن غذاء. وينظّم بعض شباب مدينة الخطة والبلدات المجاورة وموقق وما جاورها، إلى جانب مدن وبلدات جبل سلمى، على سبيل المقاومة الوقائية، جولات مطاردة ليلية لاقتناص الذئاب، غير أنهم وفقاً لمحمد الحجّي قلّما يتمكنون من ذئب، إلا عند التخطيط المسبق بتتبعه ومراقبته عدة أيام قبل محاولة اقتناصه ما يعني أن حصيلة الجولات الارتجالية قريبة من الصفر إلا نادراً. وقال إنه تبعاً لملاحظته فإن أعداد الذئاب ازدادت بشكل سريع خلال السنوات القليلة الماضية بسبب تناقص هواة القنص الذين واجهوا المعضلة التي يواجهها الذئاب من حيث ندرة الفرائس، فلم يعد هناك قناصون كثر، وانتعشت إثر ذلك حياة الذئاب وتزايدت أعدادها، ما أدّى إلى تفاقم مشكلة الغذاء في بيئتها بشكل يضطرّها إلى شن الغارات داخل القرى والمزارع. وتنذر حالات الهجوم التي بدأت مبكراً وبكثافة أكبر هذه السنة، بأخطارٍ ضد فئاتٍ معينة، خصوصا فئة العاملين في المزارع البسيطة، كما يوضح ناصر السيف أحد ملاك المزارع في مدينة الخطة، مبينا أن العمّال في المزارع الصغيرة المعرضة للهجوم غير مزوّدين بأسلحة نارية فعّالة، كما أن معظم المزارع بلا سياج منيع، واعتمادهم الوحيد على كلاب الحراسة، ومعظمها ليست مدربة ولا يمكنها فعل شيء لأجلهم عند مواجهتهم هجوماً جماعياً من عدة ذئاب. ويرى البعض أن الحل الوحيد يتمثل في المحميات الطبيعية التي توفر للذئب بيئة غذائية طبيعية في موطنه لا يزاحمه عليها البشر، فيكتفي بها عن الهجوم، لكن مواطنين آخرين يعارضون ذلك، وسينتج بحسب رأيهم وجود المحميات وملحقاتها من «الشبوك» وسواها، قيودا على المجال الحيوي للبلدات المجاورة للمحميات الافتراضية، فضلا عن أن ذلك سيجد معارضة من قبل ملاك المزارع الحيوانية الذين تعتمد أعمالهم على مشاع الأرض وتحديدا حق التسريح اليومي لمواشيهم ورعاتها، مع الأخذ بالاعتبار ضيق رقعة الرعي في المنطقة الشمالية الشرقية في حائل حيث تلتقي صحراء النفود مع الأراضي الزراعية ولا تبقى للرعي سوى أشرطة قصيرة تقترب من الجبال الجنوبية الشرقية حيث تستوطن الذئاب. يذكر أن فصيلة الذئب الحائلي تسمّى علمياً «كانيس لوبوس بالّيبس» وهو ليس مسجلا ضمن الحيوانات المهددة بالانقراض عالميا.