ولع كثير من الشبان، خاصة في القرى والهجر النائية بتقليعة جديدة عنوانها: مطارد الذئاب في معقلها، في الأحراش والصحارى. ولا يكتفي الصيادون الشبان بقتل الذئاب، بل اعتادوا اصطحابها، وتعليقها في جذوع الأشجار، للتأكيد على قدرتهم. ويختلف هدف كل مجموعة عن الأخرى، وفيما كان الانتقام شعار أصحاب المواشي المتضررين من هجوم الذئاب ليلا وأحيانا نهارا، كانت الشهرة دافع الفئة الأخرى، التي تتبارى في عدد ما يصطادونه من ذئاب، فيما أعلت الفئة الثالثة صوت «المرجلة» أو الاسترجال. والغريب في الأمر أن الأشاوس قتلة الذئاب، باتوا يتعرفون على بعضهم بعضا في إطار محيطهم أو مجموعتهم فقط، فيما يندر أن تشيع أسماؤهم بين المجموعات الأخرى، أو حتى عند أولياء الأمور والمجتمع. انتقام مشروع الشاب «ث. م، 26عاما» برر مطاردته للذئاب بعيدا عن العمران، لمسافات تمتد ل 50 كيلومترا، بأنها ليست هواية بل بدافع الانتقام: «افترس أغنامنا أكثر من مرة، في وقت نعتمد على حلالنا في توفير لقمة العيش، لذا يجب مباغتتها في عقر دارها، هناك في الصحارى، حتى نأمن مكرها، ونحسم مصير مواشينا، التي إن فقدناها فقدنا مصدر رزقنا». المنفعة العامة لكن الشاب «ح. ط، 24 عاما» الذي تحفظ هو الآخر في الكشف عن هويته صراحة، لم يتعرض لمباغتة الذئاب، ومع ذلك آثر الخروج لصيدها، وإن لم يتعرض لأي ظرف: «لم يهاجم أسرتي أو حلالنا أي ذئب، لكن المعروف أن الذئاب بطبيعتها مفترسة ومؤذية للمواشي وللبشر، ويكفي ما نسمعه من أحداث واقعية كثيرة حصلت في الماضي والحاضر لذئاب تعتدي على البشر، لذا فبقتلها تحصل المنفعة العامة للمجتمع». على خطى الأشاوس وعلى النقيض من دفع الضرر، يقف «ن. ص، 20 عاما» في موقف المتفاخرين بقتل الذئاب: «قتلها يعني الشجاعة الحقيقية التي تغيب عن الكثير من الشبان، لأنه ليس أي شخص يستطيع القيام بذلك الدور، وأعتقد أن هذه الشجاعة كانت ديدن أجدادنا وآبائنا، وأعرف أنه في القدم كان من يقتل الذئب يتفاخر به وسط أهله وأقاربه، بل إذا حضر في المجالس، أجلسوه في الواجهة، أو ما يعرف بصدر المجلس، افتخارا به وبشجاعته، وتقيم له القبيلة مأدبة عشاء بحضور القبائل المجاورة احتفاء به وبصنعه». رجال ذيابة ويعتقد «ث. م، 21 عاما» أن تعليق الذئاب على الأشجار عادة متوارثة من الآباء والأجداد: «لإخبار الناس أن أهل هذه المنطقة أو القرية: ذيابة، فلا يستطيع أحد التعدي على أملاكهم وحلالهم من سائر القبائل مهابة منهم». ويحصر «ح. ط» منفعة تعليق الذئاب على جذوع الأشجار في تخويف بقية الذئاب من المنطقة: «الذئاب المارة بالمنطقة عندما ترى هذا المنظر تفر هربا من الموت، فيأمن أهل المنطقة على أنفسهم وممتلكاتهم وحلالهم». طرق القنص ويسرد «ث. م، 27 عاما» طريقتهم الخاصة في اقتناص الذئاب: «نبدأ في تجهيز سلاح الصيد الذي نملكه، ثم التجوال بالسيارة ليلا، بحثا عن الذئاب التي تنشط خلال الفترة المسائية، ونبدأ بملاحقتها بعد تحديد مصدر عوائها، وأحيانا نضطر إلى البقاء ساعات على مقربة من مكان اختبائها لاصطيادها لحظة خروجها من مخابئها، حتى تحول صيد الذئاب وتعليقها على أشجار قريبة من قريتنا هوايتنا المفضلة». معارضة الكبار ويعارض محمد جزاء الأحمدي، 65 عاما، ومنور سفر الكرشمي، 60 عاما، تصرف الأبناء بملاحقة الذئاب: «لدينا مثل قديم يقول: عشا الذيب للذيب، لذا فالذئب حيوان من حقه أن يعيش، ومن الخطأ الكبير قتله، والمعروف أن الذئاب لا تهاجم قطعان الأغنام إلا إذا لم تجد ما تأكله في البرية، والسبب أن الشبان اصطادوا الأرانب والوبران، اصطيادا جائرا بالأسلحة الحديثة، وهي الغذاء الذي تقتات عليه الذئاب والمفترسات الكبيرة» .