انتشرت ظاهرة ومشكلة تزايد وانتشار مجهولي الهوية، فلا تكاد تخلو منطقة من مناطقنا من وجود مثل تلك المشكلة المستعصية منذ مدة بعيدة، المدينة مثل القرية والقرية مثل الهجرة والهجرة حالها حال البادية، عمال مجهولون يسرحون ويمرحون ويتنقلون ويعرضون أنشطتهم على عامة المواطنين والمقيمين، يشتغلون هذا اليوم ويجمعون عرق جبينهم بالحلال، وغداً لا يجدون عملاً يغطي مطالبهم واحتياجاتهم من المال، فيتجهون لطرق أخرى أكثر إيلاماً، يفترشون الأرصفة ويلتحفون السماء ويمتطون صهوة الشوارع والجبال والمناطق الشاهقة التي لا ينتبه لها أحد، يسيرون تارة على أقدامهم وتارة أخرى يتنقلون بكل أريحية وأمن وأمان وتحت نظر الجميع، يتم تهريبهم من قبل بعض ضعاف النفوس مقابل دراهم معدودة تعجل برحيل وتبخر نعمة أمن بلادنا ومجتمعنا، يخالطوننا في الأمكان المزدحمة ويتعبدون معنا في المساجد ودور العبادة التي نقصدها ليل نهار، ويأكلون نفس أكلنا ويتنفسون نفس الأوكسجين الذي نستنشقه في كل مكان، يمرضون ويعانون ولا يجدون علاجهم المناسب فنصافحهم وتلامس أياديهم أطرافنا ولا نعلم عن صحتهم وهل هم مصابون بأمراض وبائية وفيروسية وجرثومية خطرة تنتقل مثل انتقال النار في الهشيم تحاصرنا من كل مكان وتعبث بسعادة شعب ومقيمي وطننا، يختطف المجهولون لقمة عيش العمالة المقيمة إقامة رسمية فتتضاعف أجورها يوماً بعد يوم وتصبح عملة نادرة وصعبة بسبب كثرتهم ونهمهم وجرأتهم ومجازفتهم التي لا تُحمد عواقبها ونتائجها المخيفة على أرض الواقع،الوطن يعاني والأمن يعاني والاقتصاد يعاني أيضاً، وكذلك المواطن والمقيم فكلاهما يعاني من وجود أولئك الضيوف المندسين عن عين النظام، وكذلك خطط الحكومة وبرامجها ومشروعاتها وتوقعاتها ودراستها تعاني هي الأخرى، تتزايد أعدادهم داخل الأحياء الشعبية والقديمة وتزداد معهم خطورتهم وجرائمهم وأفعالهم وتصرفاتهم وسلوكهم، من أجل المال ولأجل المال بعضهم يشكل عصابات محترفة للقتل والسرقة ومقاومة رجال الأمن والخطف والسطو المسلح، وبعضهم يصنع ويروج الممنوعات والمخدرات، وفئة ثالثة منهم تمتهن مهنة التزوير ولعب القمار والميسر، وفئة رابعة تتاجر في الدعارة والرذيلة والبغاء ونشر الأمراض الجنسية القاتلة بشتى أنواعها وأشكالها وألوانها، يتحمل رجال الأمن نسبة من المسؤولية، ويتحمل المواطن نسبة أخرى من المسؤولية، لكن النسبة الثالثة العليا يتحملها النظام الذي يقتصر على تجميع كل تلك الحشود الهائلة من البشر وترحيل أفرادها تباعاً على أقرب رحلة إلى أوطانها دون تطبيق جزاء رادع مانع يردعها ويمنعها ويجبرها على عدم تكرار هذه المحاولات الممنوعة على مستوى أنظمة دول عالم اليوم، وبعد ذلك الترحيل يقضي كل مجهول فترة راحة في بلده وموطنه الأم ثم ما يلبث أن يعود كما كان في سابق عهده!الوطن ملك للجميع وأمانه وأمنه مسؤولية على عاتق الجميع. حفظ الله بلادنا من كل مكروه وحفظ لنا حكامنا وشعبنا وأمننا وأمامننا.