«إيران وإسرائيل حليفتان إلى الأبد، ففي إيران وإسرائيل نظامان فاشلان مدينان بالبقاء لبعضهما البعض، ولولا إدراكهما لهذه الحاجة لسقطا منذ زمن». هذا الكلام لم يقله أحد «الوهابيين»، وهي التهمة أو الصفة التي تحب أن تطلقها إيران وحلفاؤها في المنطقة على كل من قام بتشخيص سليم للعلاقات الإسرائيلية الإيرانية وأبعاد هذه العلاقة على رقعة الشطرنج العربية ليصل إلى خلاصة مفادها أنّ المشروعين الإيراني والإسرائيلي في المنطقة ينهلان من منبع واحد ويلعبان على ملعب واحد ويتفقان على هدف واحد، وهو نحن. هذا الكلام اعترفت به صحيفة هآريتس الإسرائيلية، بل وزادت عليه أن «إسرائيل بحاجة إلى إيران بقدر حاجة إيران إليها، ولو لم توجد إسرائيل لاحتاجت إيران إلى إيجادها، لأن إسرائيل هي ترياق النظام الإيراني وهو باقٍ بفضلها منذ سنين طويلة». كما أعطت مثالا عمليا على المرحلة الحالية وكيف يخدم كلا الطرفين بعضهما البعض، إذ تقول «الخطاب المعادي لإسرائيل مكّن نظام الملالي القاسي في إيران من صرف انتباه الشعب عن مشكلاته الحقيقية وعن أزمته الاقتصادية وعن غلاء المعيشة الذي يرتفع إلى مستويات لا تحتمل، وعن القمع السياسي وقتل المتظاهرين، وعن غياب الحرية»، وفي المقابل «فإن تهديدات إيران لإسرائيل كانت هي الأخرى بمثابة الزيت في دواليب حكومة نتنياهو المتعثرة، التي انقضت عليها كأنها غنيمة كبيرة» للأسف فإن كلا من الطرفين الإيراني والإسرائيلي نجحا، خلال عقود من الزمن، بالتغطية على هذه الحقيقة من خلال القنابل الدخانية التي كانت تعمي أعين كثيرين في العالم العربي، كالقنبلة الدخانية الإسرائيلية عن الخطر الإيراني على أمنها الذي نسمع عنه ولا نراه منذ أكثر من ثلاثين عاما، في مقابل القنبلة الدخانية الإيرانية لنظام الملالي التي تدور حول خطاب محور الممانعة والمقاومة الذي ظهر على حقيقته بأبشع صورها اليوم في سوريا، وفعل بالشعب العربي في لبنان وفي العراق وفي سوريا ما لم يصل إليه حتى الصهاينة في إجرامهم. ويكفي أن نشير في هذا الإطار وبموازاة أفظع مجازر العصر التي ترتكب في سوريا من قبل هذا المحور وأدواته وآخرها مجزرة داريا التي راح ضحيتها حوالي 300 مدني بين أطفال ونساء وشيوخ وعزّل، إلى ما قاله علاء الدين برجرودي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية في البرلمان الإيراني من دمشق ونصّه «أمن سوريا من أمن إيران»، وهي جملة تذكرني بما قاله قبله رامي مخلوف وهو أحد أعمدة النظام السوري وابن خالة بشّار الأسد من أنّ «أمن سوريا من أمن إسرائيل» لنصل إلى خلاصة مفادها أنّ أمن إيران والنظام الإيراني تحديدا لا ينفصل عن أمن إسرائيل والنظام الإسرائيلي كما يبدو اليوم في منطقة التقاطع السورية، والعكس بالعكس.