دعا تربويون مع بداية العام الجديد إلى إيجاد وسائل تحفيزية للأنشطة «غير الصفية» «التي تتم في المدارس، مؤكدين أن النشاط بات مجرد لهو ولعب يتسم بالمظهرية، كما أنه عشوائي يتم في أجواء مليئة بالملل والضجر. رغم أنه من أحد المكونات الأساسية للمنهج بمفهومه الواسع، مشددين على أهمية وضع برامج نافعة حسنة التخطيط، فهو من أهم وسائل تحقيق أهداف وغايات التربية، كما أنه يسهم إسهاما كبيرا في بناء شخصية الطلبة، ويساعدهم على تنمية قدراتهم، وتشجيعهم على الإبداع والابتكار، وتهيئتهم لتحمل المسؤولية، وذلك من خلال إحاطتها بإطار تربوي يزودها بالمعارف والمهارات اللازمة لتحقيق ذلك. دعوة للملل تقول آمنة عبدالله «مديرة المدرسة« إن النشاط المدرسي بمفهومه الحديث وسيلة لتحقيق كثير من أهداف التربية، ملخصة الأسباب التي تجعل النشاط دعوة للملل والضجر، منها ازدحام الجدول المدرسي بالحصص، وكثرة أعداد الطلاب في الفصول ما يضيع على المعلم فرصة الاهتمام بهوايات الطلاب وميولهم لاكتشاف الموهوبين منهم، إلى جانب ضيق المبنى المدرسي وعدم توفر الأماكن المخصصة لممارسة الأنشطة المختلفة، خصوصاً المباني المستأجرة، وقلة الإمكانات المادية والبشرية المخصصة لمزاولة النشاط المدرسي. بحاجة للتطوير وترى إلهام حامد «وكيلة المدرسة« أن الأنشطة التربوية تحتاج إلى تطوير وتجديد في الأسلوب والمضمون، وتعديل قناعات الأفراد بأهميتها، حيث لا تركز عليها المعلمة، ولا تجد جدواها الطالبة، وتقول، «نحتاج إلى أمور كثيرة لتطوير الأنشطة، منها اقناع أنفسنا بحاجتنا إلى التطوير والتجديد كي نندفع عملياً إلى ذلك، وأن نتخلص من التفكير في نطاق محدود وقوالب مسبقة، ولابد من إشراك الطالبات في اقتراح وتنفيذ البرامج، ما يعطي حماساً أكبر للطالبات ويجدد الأفكار ويطورها، كما لابد من تجديد أو تحريك وتغيير المسؤولين عن الأنشطة، ولايعني التجديد نبذ القديم بل يعني تطويره أو الاستمرار عليه مع الإتيان بغيره.» اجتهادات فردية وتقول ابتسام خالد«معلمة« حول ذلك، «ليس لدنيا منهج محدد نسير عليه لنقوم بجذب الطالبات إليه، وكل ما نقوم به هو اجتهادات فردية نحاول من خلالها خلق جو مختلف عن الحصص الدراسية، كما أن إمكانيات المدرسة المادية ضعيفة ولا تستطيع توفير كل ما نطلبه، وكثيرا ما نحاول توفير بعض المتطلبات من حسابنا الخاص، كما أن تكدس الفصول بالطالبات لا يمكنا من الإلمام بجميع الطالبات، أو الكشف عن هواياتهن جميعا». فوضى وثرثرة وبينت طالبة المرحلة الثانوية أسماء طاهر، أنها تعاني من فوضى الأنشطة كل أسبوع، وأضافت، «ترتفع أصوات الطالبات وقت الأنشطة بالثرثرة، ولا تقدم أغلب جمعيات مدرستنا جديدا أو شيئا نافعاً يفجر مواهبنا، وغالبا ما تقف المعلمة عند باب الفصل تتحدث مع إحدى المعلمات، ونبقى نحن داخله لنتحدث فيما بيننا من أحاديث جانبية لا علاقة لها بالجمعية، وينتهي الأمر بنا بالتسلل والخروج من الفصل، وكثيرا ما نجد ممرات المدرسة مليئة بالطالبات المتسللات من جمعياتهن بدعوى الملل والضجر». اهتمام الوزارة ويقول المشرف التربوي طاهر أحمد إن الأنشطة الطلابية تحظى باهتمام كبير من قبل وزارة التربية والتعليم في المملكة، حيث تم إقرار مادة النشاط كمادة أساسية في الجدول الدراسي شأنها كشأن المواد الدراسية الأخرى، هادفةً إلى جعل المدرسة مجتمعا متكاملا يدرب النشء على حياة المجتمعات بألوانها المختلفة، ويبث فيهم روح الجماعة، ويدربهم على القيادة، كما أنه يدعم شخصياتهم لمواجهة تحديات هذا العصر، مضيفا أن النشاط المدرسي أصبح بمثابة الجانب العملي التطبيقي لما يتم تقديمه بين دفتي المقرر وجدران حجرة الدراسة، مؤكدا أن البحوث التربوية أثبتت أن النشاط الخارجي للفصل مهم، لا تقل أهميته عن الدرس داخل الفصل، إذ عن طريق النشاط خارج الفصل يستطيع الطلاب أن يعبروا عن هواياتهم وميولهم ويشبعوا حاجاتهم. أسباب الجمود وأوضح أحمد أهم أسباب الجمود في الأنشطة المدرسية، منها انعدام جانب الإبداع والابتكار وتنمية المواهب في الوحدة التعليمية، واستغلال الموارد الموجودة في البيئة المدرسية قدر الإمكان، وعدم مشاركة المدرسة في المناسبات المختلفة، فضلا عن عدم وجود وسائل تعليمية منتجة من قبل المعلمين والطلاب من خلال الأنشطة والجماعات المختلفة، واتسام اليوم المدرسي بشيء من الروتين والملل نتيجة عدم ممارسة الأنشطة المختلفة، ووجود مشكلات في الوحدة التعليمية من جوانب متعددة، وضعف العلاقات الإنسانية، بالإضافة إلى النظرة القديمة للنشاط على أنه وسيلة للترفيه وضياع الوقت بإشغال الجدول اليومي، وعدم تفهم واهتمام وقناعة مدير الوحدة التعليمية والمعلمين بأهمية النشاط وعدم سعيهم لتفعيله. نشاط فاعل وتقول أستاذة علم النفس التربوي الدكتورة غادة مصطفى إن النشاط الفاعل متسم بالمرونة والحيوية، مبينة أن فاعلية النشاط لا تتحقق إلا إذا استخدم التلاميذ فيه حواسهم كلها عندها يصل النشاط إلى قمة نجاحه. ووضحت أن من أهداف الأنشطة اللاصفية نشر الوعي التعاوني بين الطلاب، وتنمية فكر وثقافة المدرسة كوحدة منتجة، واكتساب خبرات ومعارف جديدة عن طريق الممارسة العملية، والعمل على تحسين أحوال الطلاب اقتصاديا واجتماعيا، وتنمية الوعي الديمقراطي لديهم، وتدريبهم على الإدارة الذاتية وتعويدهم الاعتماد على النفس في جميع احتياجاتهم داخل المدرسة وخارجها سواء كانت هذه الاحتياجات مادية أو اجتماعية . وتؤكد مصطفى على ضرورة العمل على جعل المدرسة محببة للتلاميذ وأكثر جاذبية في ظل المفهوم القديم للمنهج الذي لا يعترف فيه بقيمة النشاط المدرسي، ولا يركز على المعلومات التي تتطلب من المدرس أن يكرس كل وقته وجهده لحشو عقول التلاميذ بها، بينما لا تهتم المدرسة إن كان التلميذ يشعر بقيمة هذه المعلومات أو لا يشعر، وهذا ما يتنافى مع سيكولوجية نموه وتعلمه.