يعدّ غسل الأموال أحد أخطر الجرائم المستمرة التي تواجه الاقتصاد العالمي باعتباره قناة لتمويه أو إخفاء الأموال غير المشروعة المتأتية من مصادر مجرمة، وهو كذلك من أسرع الجرائم العالمية التي تنشط نتيجة للأزمات المالية وعدم الاستقرار السياسي كما هو الحال الآن. لا توجد هناك إحصاءات دقيقة يعتد بها لحجم مشكلة غسل الأموال عالمياً، وهذا ما عبّرت عنه المنظمات الدولية المعنية بمكافحة غسل الأموال وأبدت قلقها الشديد بشأنه، لاسيما أن نشاط غسل الأموال ذو طبيعة غير مشروعة ويقع خارج نطاق الاقتصاد النظامي والإحصاءات المالية المعروفة بجانب بعض عوامل الاقتصاد الخفي، كما أن بعض الدول تتجنب الإفصاح عن هذا النوع من الأرقام اعتقاداً أن في ذلك إدانة لها، لذا تظل أكثر الإحصاءات استشهاداً في هذا الشأن ما صدر عن صندوق النقد الدولي في نهاية التسعينيات، التي قدرت فيها حجم الأموال التي يتم غسلها عالمياً بأنه يتراوح ما بين %2إلى %5 من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وهو ما يشكل ما بين (59) مليار دولار أمريكي و(1.5) تريليون دولار أمريكي، كما قدرت إحصائية أخرى للأمم المتحدة والإنتربول صدرت عام 2000م أن حجم الأموال المغسولة يتجاوز (500) مليار دولار أمريكي، بينما قدرت إحصائية حديثة نوعاً ما لمكتب الأممالمتحدة لمنع الجريمة ومكافحة المخدرات عام 2009م في دراسة أجريت لمعرفة إلى أي مدى يجري غسل هذه الأموال، بأن حجم الأموال غير المشروعة والناتجة عن جرائم الاتجار غير المشروع بالمخدرات والجرائم المنظمة، بلغ %3.6 من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وبنسبة %2.7 أي (1.6) تريليون دولار يتم غسلها، وهو ما يعادل تقريباً الناتج المحلي الإجمالي لاقتصاد بحجم إسبانيا. هذه التقديرات تنبئ بلاشك عن حجم كبير لمشكلة تستلزم تضافر الجهود الدولية للتصدي لها، ويكون ذلك بداية بتأصيل مبدأ الشفافية في نشر بيانات دورية لعدد البلاغات عن العمليات المشبوهة، وتكثيف التعاون الدولي لمواجهتها في الحالات الاستثنائية.