رغم الزيادة المضطردة في نسبة نمو السياحة في المملكة، إلا أن المتابع للمعطيات الرئيسة لإحداث هذا النمو يدرك الدور الذي قام به الإعلام السياحي في هذا المجال. وإذا نظرنا بعمق إلى الدور الذي لعبه الإعلام السياحي في زيادة التدفقات على المراكز السياحية في المملكة، ندرك أن هناك جهودا بذلت من قبل الجهات الحكومية، وفي مقدمتها الهيئة العامة للسياحة والآثار ووزارة الثقافة والإعلام وإمارات المناطق والأمانات، إضافة إلى اللجان السياحية والغرف التجارية. لكن يبدو أن الإعلام السياحي في المناطق التي تشهد تنظيم الفعاليات والأحداث والمناسبات (المهرجانات) ارتكز بدرجة كبيرة على التغطية الخبرية، وغابت عنه بشكل كبير التحقيقات الصحفية المصورة، ما عدا الملاحق الصحفية وبعض الموضوعات المتناثرة في الصفحات التي خصصت للرعاية التسويقية، كما غابت عن الساحة الإعلامية المؤتمرات السياحية المتخصصة، باستثناء ملتقى السفر والاستثمار السعودي، وملتقى منظمي الفعاليات السياحية. وبطبيعة الحال لا يمكن هنا إلقاء اللوم على رجال الإعلام في ظل غياب المعلومة المتكاملة والدعم الكافي، إضافة إلى أن معظم رجال الإعلام غير متخصصين في الإعلام السياحي الاحترافي، الذي يتطلب مهارة في الصياغة واستخداما أمثل للمفاهيم السياحية. ومن جانب آخر فإن المتابع للجهود التي بذلها الإعلام المرئي يدرك أن التلفزيون السعودي قد نجح بشكل لافت في نقل صور مباشرة وحيّة عن الفعاليات السياحية، وأعطى مساحة وافرة من الوقت لمناقشة عدد من القضايا السياحية، في مقدمتها الاستثمار السياحي وأسعار الخدمات وخصوصا الإيواء السياحي، وفي هذا الإطار فإن من المناسب إعادة النظر بشكل إيجابي في فكرة تخصيص قناة فضائية سياحية ولو بشكل مؤقت على غرار القناة التي كانت مخصصة للجنادرية وسوق عكاظ، تبدأ بثها قبل الموسم السياحي بفترة كافية. إننا بحاجة إلى تعزيز الدور التثقيفي للإعلام السياحي بعد أن غدا واضحا أن التوعية بأهمية السياحة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا أصبح متوفرا لدى الكثيرين من المواطنين وتجاوزنا هذه المرحلة، وأصبح لزاما علينا إبراز الوجه الحضاري المتميز للمملكة، فكما قال الأمير سلطان بن سلمان رئيس هيئة السياحة والآثار، «إنه لا بد من إبراز البعد الحضاري للمملكة». صحيح أن المركزالإعلامي بالهيئة قد قام بجهد وفير في إصدار عديد من البرامج المرئية والإصدارات الإعلامية المختلفة إلا أن المرحلة القادمة تحتاج إلى التركيز على الناحية التعريفية، هذا ما أكدت عليه استراتيجية الإعلام السياحي، لكن السؤال: ماذا عن تفاعل الشركاء في القطاعات الأخرى لتنفيذها؟ لقد حقق الإعلام الإلكتروني نجاحات كبيرة – تفوق في نتائجها أي منفذ إعلامي آخر- في نقل صورة ثرية عن المناطق السياحية بالمملكة وعن الخدمات السياحية المختلفة، ولكنه ما يزال بحاجة ماسة إلى تطوير المحتوى بدرجة أساسية بحيث تكون الرسالة شفافة وخالية من التهويل والتضخيم. لقد عانى السائح كثيرا من عدم المصداقية فيما يقدم له من معلومات وخصوصا في أسعار ومستوى الخدمات السياحية، التي تدعي هذه الجهة أو تلك إحكام الرقابة عليها، وحتى فيما تنشره بعض وسائل الإعلام عن توفر البنية التحتية المتكاملة في الواجهات السياحية الرئيسة، وأرقام تكاد تكون خيالية في أعداد السياح ومستوى الإنفاق السياحي، مما خلق أيضا إشكالية تدني مستوى الثقة لدى المستثمرين. ويمكن القول إن هناك عديدا من المقترحات التي قد تسهم في دعم وتنشيط الإعلام السياحي منها: تشجيع الإعلاميين الذين لهم دور في مجال الإعلام السياحي تشجيع فتح قنوات جديدة مرئية ومسموعة ومكتوبة مع الاهتمام بالإعلام الجديد المتمثل في قنوات التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية. التوسع في التعريف بالمقومات السياحية والأنماط السياحية الرئيسة . تنظيم مزيد من المؤتمرات والملتقيات حول الإعلام السياحي. المضي قدما وبخطوات أكثر اتساعا في تطبيق استراتيجة الإعلام السياحي التي أعدتها الهيئة، وأن تكون هناك جهود أكبر لدفع الجهات الأخرى أو جذبهم لتطبيق مذكرات التفاهم التي وقعتها الهيئة مع تلك الجهات. تدريب وتأهيل وبناء قدرات الكوادر الإعلامية لتقديم إعلام سياحي يتمتع بالكفاءة والمهنية، خصوصا وأن هيئة السياحة قد عقدت في السابق ورش عمل للإعلاميين في عدد من المناطق تركزت على عديد من المحاور وفي مقدمتها أثر الإعلام السياحي على صناعة السياحة في المملكة بوجه عام وفي المناطق بوجه خاص .