المكان إدمنتون/كندا والزمان شهر أغسطس. برق ورعد في السماء.ومطر آخذ في الهطول بغزارة يرتطم بزجاج النافذة يبلل العشب وماهي إلا دقائق وانقشعت الغيوم وبدت السماء صافية زرقاء.أنظر من النافذة لا مياه متجمعة ولا سيارات متعطلة بل كل شيء عادي كأن شيئا لم يكن. أشعر براحة وقلق لا مثيل لهما فعلى الرغم من سعادتي لأهمية هذا اليوم بالنسبة لي فحفيدي قد أتم يومه السابع إلا أني كرهت الغربة التي ستبعدني عن هذا الملاك الصغير.أتعجب كيف تعلقت بكائن كان في رحم أمه من أسبوع مضى؟.فتح الصغير فمه بالبكاء أخذته بين يدي فهدأ. يهبط صدر الصغير ويعلو وابتسامة شاردة على جانب الفم لقد نام في يدي وأنا أحاول السيطرة على عقلي الذي أخذني في رحلة عبر الزمان تمر بذاكرتي أغنية قديمة يا طفلة تحت المطر فأتذكر طفولة ابنتي التي حملتها بين ذراعي يوما تماما كما أحمل وليدها اليوم وكيف غدت أمامي أمّا.ضممته بقوة إلى صدري وكأني أشم فيه رائحة طفولة صغيرتي زهرة جميلة أنجبت لنا ملاكا جميلا.لا أرى في ابنتي إلا طفلة تحمل طفلا إنما الأمومة جعلت منها أنثى بالغة وتوجتها ملكة.تلاشت الأفكار كأنها فقاعات صابون فشعوري بالثقة أن هذه هي سنة الحياة فارقت أمي لبيت زوجي وفارقتني ابنتي لبيت زوجها. عاد الصغير للبكاء فأودعته صدر أمه فاطمأن وهدأ.وجهه مشرق كشمس ساطعة .تأملت كل شيء فيه صغير أصابع اليدين والأنف والفم والعين.شدة التشابه بينه وبين أبيه من ارتجاف الفم إلى نظرة العين تخيلته هو. إن ما يحدث من لحظة التكوين إلى أن يصبح الجنين طفلا ثم رجلا إن شاء الله أقرب إلى المعجزات فسبحان من خلق فأبدع .اللهم احفظه واجعله من عبادك المخلصين ورجلا ينتفع به الإسلام.