في نفس اليوم الذي كان الرياضيون الأمريكيون في أولمبياد لندن يحتفلون فيه على الأرض بتصدرهم لجدول ترتيب الميداليات، كان علماؤهم يحتفلون بإنجاز ذهبي آخر في الفضاء على بعد حوالي 570 مليون كم وذلك بنجاح المسبار «كيريوستي» بالهبوط على سطح كوكب المريخ وبدئه ببث الصور لأول مرة من الكوكب الأحمر. البهجة والفخر الشعبي الأمريكي كان بالإمكان رؤيتهما بوضوح على شاشات التليفزيون وعبر تفاعلهم على الشبكات الاجتماعية وخاصة تويتر الذي اكتظ بالتعليقات الإيجابية سواء على وسم (هاشتاق) «كيريوستي» أو على الوسوم الأخرى التي تحمل أسماء الألعاب التي تشارك أمريكا فيها أو تلك التي تحمل أسماء الرياضيين المشاركين. شاءت الأقدار لي أن أكون موجوداً في نفس ذلك اليوم على الإنترنت بما يكفي من وقت للتنقل بين «تويتر السعودية» و»تويتر أمريكا» لأشاهد تبايناً وفروقاً لم أكن أتمنى رؤيتها.. ولا أقصد بها الفرق في الإنجازات العلمية أو حتى الرياضية بيننا وبينهم فهي تزيد عن ال 570 مليون كم التي تفصل بين الأرض والمريخ، ولكني أقصد التباين في أسلوب التفكير وفي كثير من المعايير الأخلاقية والإنسانية التي يفترض أن نكون كمسلمين الأكثر حرصاً عليها. إحساس غريب أن أخرج من الوسم الخاص بالمسبار «كيريوستي» وتعليقاته المهذبة التي تكيل الثناء لعلماء ناسا وإنجازهم وما يمكن أن يقدمه للبشرية جمعاء، ثم أدخل وسما سعوديا يناقش كيفية ضرب الزوج لزوجته أو وسما يفضح شراء بعض «علمائنا» «ومثقفينا» للمتابعين على تويتر.. أنتقل بعدها إلى وسم #TeamUSA حيث تتغنى التعليقات عليه بالرياضيين والرياضيات الأمريكيات من حقق منهم الذهب ومن أخفق، فأخرج منه لأجد وسما سعوديا ينعت رياضياتنا ب «العاهرات» وتطفح فيه التعليقات بالعنصرية والبذاءة. المقارنة تطول وتدمي القلب، لكنها توصلنا إلى حقيقة طالما أنكرناها وهي أن التقدم الحضاري يفرز رقياً أخلاقياً أكثر من ذلك الذي تفرزه المواعظ الجوفاء الخالية من القدوة والعمل.