نسي الدكتور محمد بديع؛ المرشد العام للإخوان المسلمين، أن غزة هي لعبة معقدة من التوازنات الدولية، لا يمكن أن تدار مصالحها كشراكة بين الجماعة في مصر وأنصارها في غزة.. ما حدث على الحدود كان نتيجة طبيعية لهذا النهج السياسي ودفعت فاتورته مصر وغزة معا. كانت الجريمة النكراء مجرد رسالة عملية (وقاسية) إلى الرئيس تقول له: إن القضية الفلسطينية لا يمكن حلها ببساطة عن طريق مكتب الإرشاد وأن الحفاظ على مقعده (قد) يتطلب تغييرا في الخطة المعدة سلفا بما يتلاءم مع متطلبات القوى العظمى الوحيدة في العالم: أمريكا! وأصبح الرئيس المصري في موقف لا يحسد عليه وهو يتعامل مع إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة وكأن غزة وحدة منفردة، دون الرجوع للرئيس الفلسطيني الممثل الشرعي للشعب، بينما تدفقت المساعدات على الحمساويين في وقت تتفاقم فيه المشكلات في مصر. أما «الشو» الإعلامي الذي صاحب استقبال قادة حماس وتصريحات الجماعة في هذا الشأن فكان بمثابة مدّ اللسان لإسرائيل التي -أظنها- نجحت في أن تقطعه بعملية خسيسة راح ضحيتها غدراً 16 جنديا مصريا لا ذنب لهم، وحفرت في قلوب المصريين جرحا لا يندمل. كان على الرئيس أن ينتبه للعبة السياسية ولا يصبح في وضع تسلل استحق عليه انذارا حين وضع الكرة في شباك الخصم وهو يظنها هدفا! نجح عضو حزب الحرية والعدالة ورئيسه السابق في أن يضاعف عدد معارضيه، أما ما تفرد به دونا عن سابقيه فهو تدشينه ل «كراهية» بين ملايين المصرين وإخوانهم في غزة، مما جعل من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي: فيس بوك، وتويتر يسخرون من عناء الغزاويين ويصبون لعناتهم عليهم، فضلا عن شارع مصري راح يضرب كفا بكف وهو يجد مرسي يطالبه بالصبر على انقطاع الكهرباء في الوقت الذي يسارع إلى حل المشكلة في غزة! بدت المسألة أقرب ما تكون إلى تحالف بين الجماعة في مصر وشقيقتها في غزة وليست بين مصر كدولة وفلسطين كشعب أجهده الاحتلال. كان يمكن لمساعدات غزة أن تؤتي ثمارها دون تضخيم إعلامي عمدت الجماعة إليه، وكأنها لا تدري أن من يتربص بغزة إسرائيل التي تستطيع عرقلة أي جهود من شأنها قلب موازين القوى ضدها.اللعب في الخفاء في هذه المسألة هو الورقة الرابحة للقضية، والقناة الطبيعية في هذا الشأن هي الاستخبارات المصرية التي تستطيع تمرير الصفقات بعيداً عن التهليل الإعلامي، فمعبر رفح الذي تتحكم فيه مصر أو حتى الأنفاق من السهل جدا أن يصبحا منطقة توتر، وإسرائيل قادرة على أن تغلقهما بأيد مصرية عن طريق افتعال (أي) أزمة على الحدود في سيناء التي لا تسيطر عليها مصر سيطرة كاملة وهو ما حدث بالفعل! آخر سطر: عقاب بدون جريمة.. جريمة لا يجب أن تمر بدون عقاب!