لم تفعل وجدان شهرخاني شيئا سوى كشف وجه الصحوة وإعادة إنتاج صورتها المقيتة كما ظهرت في نوفمبر عام 1990. حين قادت نسوة سعوديات السيارة في السادس من نوفمبر من ذلك العام كانت الصحوة في أوج قوتها تسيطر على المنابر والجامعات والكاسيت فشنت حملة في منتهى البذاءة عليهن ونشرت أسماءهن ووصفتهن بأقبح النعوت بما لايجوز صدوره من رجل عاقل فكيف حين يأتي ممن ارتدى عباءة الدين وتحدث باسمه. ولم يعتذر رموز الصحوة الذين قادوا الحملة، حينها،عن اتهاماتهم حتى اللحظة مع أن حديثهم المتخم بالنجومية اليوم يدور حول الإيجابية والتعاون ويستأنس بالنساء ويدعو إلى كل ما كان يهاجمه سابقاً. مافعلته وجدان هو التأكيد على أن للصحوة صورة واحدة لاتتغير وإن اضطرتها الظروف للخفوت زمناً، وأن منطقها يستند إلى الكراهية والتأجيج والتحريض وتضخيم الأمور والتباكي بحرقة على الإسلام وما أصابه من أهله والقائمين عليه. لم تنتج الصحوة شيئاً، عبر تاريخها السعودي، سوى تعميق الطائفية ورفع درجة العداوة الاجتماعية والتأليب على السلطة، والادعاء الزائف أنها حامية بيضة الدين وقائدة شعلة انتشاره. لو استرجع المرء أشرطة نوفمبر 1990 لوجد أن المفردات لم تختلف ولم تتبدل وإن تغيرت السحن فضلاً عن زيادة جرعة عنصرية مقيتة هي معيار تخلف وضيق أفق يفضح عجز الصحوة عن الخروج من دائرة التأليب والتحريض. النسوة اللاتي قدن عام 1990 تجاوزن الأزمة، ومعظمهن اليوم من الفاعلات اجتماعياً، وتجربتهن مرحلة تاريخية تتجدد كل عام، أما القاذفون فلا يذكر أحد أقوالهم ومن بقي منهم سلك طريقهن كأنه يركب المقعد الخلفي لسياراتهن. ستبقى وجدان رائدة في الرياضة النسائية ولن ينسى التاريخ تجربتها الفريدة أما قاذفوها فلن يحفظهم سوى أرشيف الكراهية.