يبدأ طفلنا حياته الدراسية ونحن نُنمّي فيه مشاعر الخوف من المستقبل، وأنّه، إن لم يدرس ويجتهد، فلن يحصل على وظيفة، وكأن الدراسة ليست لطلب العلم وإنما للحصول على الوظيفة، وبالتالي لن يحقق طموحه في الحياة وفق هذه النظرية. كثيرون منّا هم ضحايا هذا الشعور، وهذا الفكر المتأصل، فترى مجتهدا قد أكمل دراسته، وحشد كل طاقاته، لكي يحصل على الوظيفة، وقد يحصل عليها بالفعل. في الجانب الآخر، ترى (غير مجتهد) أو ربما غير مكمِّل لدراسته، ونجح في حياته نجاحاً باهراً، ما السِّر؟ ربما أصبح الأول موظفاً متميزاً، أو هكذا يبدو، لأنه حقّق حلمه بحصوله على الوظيفة، أما صاحبنا الآخر، فلم يحصل على الوظيفة، ولكنه أصبح من أصحاب الملايين، ومن أصحاب كبريات الشركات، ليس هذا فحسب، بل قد يتفوّق على الأول بتحقيق مكاسب أخرى في الحياة لا يستطيع الأول الحصول عليها، وإن استطاع فقد يكون ذلك وهو في أرذل العمر! يقول لي أحدهم: «ليت الأيام تعود بي إلى الوراء، فبعد أن بلغت من العمر ما بلغت، وجدت كتاباً، يؤيد ما ذهب إليه صاحبكم (غير المجتهد)، إنه كتاب «أبي الغني – أبي الفقير»، «Rich Dad, Poor Dad» ل(روبرت كايوساكي)، السؤال: «هل سيرشدنا كايوساكي إلى طريقة أسهل من تلك التي أضنتنا بتسلسلها الوظيفي الشاق؟ يقول كايوساكي: «الموظف يعمل بأقصى قوَّته حتى لا يصرفه رب العمل» وأنا أقول: «وهذا ما يفعله كثيرون منا»، أما صاحبنا أعلاه، فبدلاً من الارتقاء في السلّم الوظيفي، أتدرون ماذا فعل؟ لقد امتلك السلّم بكامله!