قال الكاتب الدكتور عبدالرحمن الحبيب إن الخصوصية في المملكة العربية السعودية تعاني من التعصب والجمود والتقديس والإفراط في التمجيد وازدراء الآخر. وأوضح أن هذا التأزم أنتج خصوصيات مزعومة تأتي في مقدمتها «وجود الحرمين»، مشيراً إلى أن الحرمين بيئة انفتاح، وليست بيئة انغلاق، مستشهداً بمكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة، التي تتمتع بانفتاح على مستوى العالم الإسلامي، مؤكداً أن الانغلاق جاء من المناطق الداخلية. وأشار الحبيب، خلال إلقائه محاضرة «الخصوصية السعودية.. حقيقة أم وهم» التي أقامها نادي الرياض الأدبي مساء أمس الأول، إلى أن «الخصوصية السعودية» قيّدت الحريات العامة، وسلبت المرأة حقوقها، ومنعتها من قيادتها للسيارة، واشتراط حضور وموافقة ولي الأمر عند قيامها بأعمالها الخاصة، ومنعتها من ممارسة الرياضة، وتمثيل الوطن في المحافل الخارجية، بالإضافة إلى منعها من العمل في محلات بيع الملابس النسائية، وكثير من الأعمال الأخرى. وذكر أن «من الأوهام التي صنعتها الخصوصية هي منع السينما، فأنا من رواد السينما في البحرين، وأجد دائماً أن القاعات مملوءة بالعائلات السعودية، والشباب السعوديين، ولا أعرف عن أي خصوصية تدفعنا للسفر لدول الجوار من أجل مشاهدة السينما». وعزا الحبيب العوامل التي أنشأت هذه الخصوصية إلى الحنين لقيم الماضي، سواء الإيجابية أو السلبية، والشك في كل ما هو جديد، إضافة إلى «ترييف المدن»، عبر الهجرة العشوائية المكثفة من الأرياف والبوادي إلى المدن، مشيراً إلى أن الريفيين يتميزون بالتشدد في العادات والتقاليد، وأن أكثر المدافعين عن الخصوصية هم المحافظون الدينيون والقبليون والقوميون، لافتاً إلى أنهم لا يملكون مرجعيات واضحة، وأن مرجعيتهم هي ما يريدون، وما يتوافق لديهم يسمونه «خصوصية»، وما لا يتوافق يتم نبذه. وعن تاريخ نشأة هذه الخصوصية، قال الحبيب «بعد الحرب العالمية الثانية، اتهم المشروع والتحالف الديني الليبرالي الذي نشأ بداية القرن العشرين بالتخاذل مع الاستعمار، ليحل مكانه المشروع القومي الذي اكتشف العرب بعد 1967م أنه لا شيء، لتظهر بعدها الخصوصية ثم الصحوة الإسلامية، التي لا أراها سوى ردة»، مطالباً بالسماح لوجهات النظر الأخرى بالتعبير، وعدم تخوين وتكفير أصحاب وجهات النظر المختلفة، بل مواجهتها ونقدها.