أكد «خامنئي» عجزه عن السيطرة على الأوضاع السياسية والاقتصادية في إيران، ولا يجد الآذان الصاغية لنداءاته المتكرّرة بتآلف التيارات المتنازعة على السلطة عوضاً عن شرذمتها. فالتفكك يحل محل الانسجام، وتطغى الفضايح على التستر. وكثرة الأجهزة والمؤسّسات المؤثرة في القرارات السياسيّة والاقتصادية، تُعد مصدراً لضعف النظام لا قوّته. ومؤسّستا «الحرس الثوري» و«الباسيج» تزاحمان مؤسّسة «الجيش»، ومؤسّسة «خاتم الأنبياء» التابعة للحرس والمتعدّدة المهام، تبدو أكثر تأثيراً ونفوذاً في الاقتصاد قياساً بعدّة وزارات، ورغم أن السلطات الثلاث تتلقّى الأوامر من بيت القيادة التابع «لخامنئي»، إلا أنها متناحرة فيما بينها أكثر من أن تكون منسجمة. والعقوبات الاقتصادية والضغوطات الدولية، تساهم بقوّة في اشتداد الأزمات الداخلية واتساع الهوة فيما بين المؤسّسات. والصراع على السلطة والرشوة والمحسوبيّة والتهريب والاختلاس يجعل منها أشبه «للمافيا» أكثر من أن تكون مؤسّسات حريصة على مصالح الدولة. وعوضاً عن نفق الأموال لرفاهيّة الشعب، والبحث عن الحلول للتضخّم المالي والتدهور السياسي والاقتصادي، فإن المؤسّسات والتيارات السياسية، تنفق الأموال على تعزيز قدراتها لمواجهة الخصوم الداخليين وليس الخارجيين. وحتى تصريحات قادة النظام لم تَعُد منسجمة فيما بينها، ففي الوقت الذي يؤكد فيه «خامنئي» على أن «إيران أصبحت أقوى بفضل العقوبات» ويدّعي فيه «نجاد» بتحقيق الانتصار مع تلقّي بلاده صفعة جديدة من المجتمع الدولي، يعلن «علي لاريجاني» رئيس البرلمان أن «بلاده لم تشهد مثل هذه الأزمات الاقتصادية على مرّ التاريخ».. وتعزّز هذه العوامل انعدام ثقة الشعب بالقادة، وتجعله يجهل مستقبله ومستقبل النظام في آن واحد، الأمر الذي يساهم بدوره بفقدان أدنى رغبة في الدفاع عن نظام تحكمه العصابات المتصارعة على السلطة والمقبل على الانهيار.