منازلنا لا تُبنى فقط بالحجارة والإسمنت. إنما تُبنى بالحب والإخلاص والصدق والخلق الطيب في المعاملة. منازلنا هي القلاع التي نحتمي بها. نأمن داخلها من المنازعات والمشاكل الخارجية. جدرانها تكون درعا واقية تحمينا من حر الصيف وترابه وبرد الشتاء وأمطاره. منازلنا بها الوفاء من أب وأم وبها المحبة والأمل من أولاد مطمئنين بالحب. الكل لديه قناعة أن منازلنا هي جنتنا الآمنة وواحتنا الخضراء. هناك منازل يخيم عليها السكوت المريب لا كلمة تلطف الجو وتخفف ثورة الأعصاب. منازل لا تعرف أن تخفف المزاج العدواني ببسمة أو ضحكة. وهناك منازل تجتمع فيها الأسرة في هذا الشهر الفضيل حول مائدة الإفطار في مودة وهدوء يحمدون الله على اللحظات المبهجة واللقمة الحلال. من نعم الله علينا وجود قلوب متعاطفة متراحمة ولن يقدر أحد هذه النعم إلا لو تذكر أن هناك من يعاني مرارة الوحدة والعزلة. قد ننسى أن هناك أناسا في الأربطة من كبار السن أو المحتاجين الذين فقدوا جو الأسرة وأن هناك أطفالا في دور الرعاية لم يتغير عليهم في معيشتهم شيء مع دخول الشهر الفضيل. طوبى للأسرة التي تنشر الدفء والرحمة بين أفرادها وطوبي للأب والأم اللذين يساعدان أبناءهما لمد يد العون لمن آلمته الوحدة وطال ليله بانتظار النهار، سيزيد الله من لطفه وكرمه لمن يسعون لتوثيق صلات الرحم ويخففون من آثار الخلافات وطوبي لمن حمل إفطاره لينشر عبير البهجة والسرور ليشارك من ليس لهم من يؤنس وحدتهم، وكان الله في عون المرء حين يشق سكون الصمت في أسرة بيتها فارغ بارد كئيب مهجور. وبورك في المسلم الذي يطعم جائعا ويتفقد بيت الجار والصديق ويدلل بكرم أخلاقه على حبه لأخيه من بني الإنسان.