أيها المليك العطوف عبدالله بن عبدالعزيز، عرفناك في الخير باذلاً، وللمعروف مبادراً، ولدواعي المروءة ملبياً، وللشهامة والنجدة مجيباً ومستجيباً.. عظم المسؤولية شغل وجدانك فبادرت مسرعاً تمسح دموع المحزونين، وتُخفِّف أسى الثكلى والمكلومين، بأيدٍ حانية، وأعطاف غير آنية ولا متوانية، فإذا ما غمرتنا الأحزان جاءت أياديك السمحة تُواسي المكلوم، وترفع الحيف عن المظلوم.. لم يكن طبعك اللفاء فسخوت لشعبك بالوفاء، لأنك من خيرة الأوفياء. بذلت للحزانى العطاء وأنت تعرف أن ذلك لا يرد غالياً أغرقه السيل، وفجعت أسرته بالكارثة، ولكنها لمسة عطف، وشعور بالرحمة لأُسر نكبتْ غرق منها من غرق، وشُرِّد منها من شُرد، وعناية منك - وفقك الله - لمن حلّت بهم الرزية التي عمت وغمت، ورعاية منك -أدامك الله- وأنت صاحب القلب العطوف تداوي جروحاً، وتأسو قروحاً، وتلم شعثاً، وتواسي شعباً، وتُعيد رسم البسمة على شفاهٍ نسيت -من سيل الاربعاء- البسمة، أيها الملك الشهم داويت -حفظك الله- قلوباً غمرتها الأحزان، ومهدت بمروءتك وعطائك في نفوس الشعب للخير دروبا، وفرجت عن أهل جدة ما غمرهم من كروب، وأحسب أنه من دواعي المعروف أن يهب المقتدرون وهم بحمد الله كثر، فيسهموا بالخير وفي الخير رعاية لهؤلاء الذين نكبوا في منازلهم، وشردوا من دورهم، فيتحقق بمبادرتهم - إن فعلوا- القول المأثور: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه من كرب يوم القيامة» وقوله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» وهكذا تصهر المأساة الرجال فيظهر المعدن النظيف استجابة ومبادرة وتعاطفاً واسهاماً في المعروف، ومن الخير كل الخير ان تنظم هذه المبادرة - ان وجدت - فيكون لها جمعية رشيدة راشدة تجمع التبرعات لتبني بنها منازل لمن دمرت منازلهم وفقدوا مساكنهم وفق تنظيم ترعاه الدولة، وما احرانا ان نهرع لدواعي الخير، وفي كل ان شاء الله خير، ولعلي لا اعدوا الحقيقة ان قلت : إن النعمة من الله يخلق الحوادث لتمتد الايدي المتعاطفة الرحيمة والقلوب المؤمنة، والنفوس المسلمة بقضاء الله وقدره فتعين من يستحق الاعانة وتداوي القلوب المكلومة، والافئدة المفجوعة، وتمسح بالرأفة دموعاً، وبالرحمة أحزاناً، ونحن ولله الحمد أمة مسلمة جبلت على المعروف وصفنا الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه فقال عز من قائل : «محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم» وها هي ثمار الرحمة قد أينعت، فطوبى للرحماء طوبى للرحماء أيها المليك الشهم، شكر الله سعيك، وأثابك على مبادرتك، ووفقك واعانك، وحفظك إماماً وسددك راعياً، وأخذ بيدك معيناً، ونصرك قائداً، وابقاك -في صحة وعافية- رائداً.. ودمت يا خادم الحرمين الشريفين ودام الوطن في عز ورفعة وتعاون وتعاضد، وأمان واطمئنان وصون، لا تغوله غائلة، ولا تجتاحه جائحة، ولا تطوله بإذن الله طائلة. وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين.