في خواطره هذا العام قال الجميل أحمد الشقيري إن شابين فقط صنعا امبراطورية شركة جوجل برأسمال وصل إلى أربعين مليار دولار. والحقيقة أن لاري بيج، وسيرجي برين مؤسسي هذه الشركة العظيمة ومالكيها هما أبناء ثقافة عظيمة وجامعات عظيمة يخرج منها الإنسان مبدعاً، خلاقاً، منتجاً بدلاً من أن يخرج محبطاً، ناقماً بشهادة لا تسمن ولا تغني من وظيفة. هناك فرق بين بيئة تساعد على النجاح وبيئة تحارب النجاح، كم عدد مخترعي “موهبة” الذين حصدوا الجوائز العالمية في المحافل الدولية في سويسرا وفي أمريكا وفي كل مكان، أين هم الآن؟ كم نجح منهم في عالم الإبداع والاختراع والنجاح؟… لا أحد، العباقرة موجودون في كل بيئة ولكن هناك بيئات تدفنهم بالتجاهل وعدم مد اليد لهم وهناك بيئات تفتح أيديها ومؤسساتها المدنية وأنظمتها للإبداع كي يقف على قدميه وينجح. المدهش في الموضوع أن لاري وسيرجي مؤسسي هذه الشركة العظيمة والرئيسين التنفيذيين لها في كل مرة يؤكدان أنهما لا يريدان أن يكونا أبالسة (Evils) فصنعا بيئة عمل جاذبة لموظفيهما ترعى مأكلهم ومشربهم وأطفالهم وكلابهم وملابسهم صارت مضرب الأمثال، ففي حين تفرغ التنفيذيون السعوديون للتنكيل بموظفيهم السعوديين وقطع أرزاقهم تفرغ لاري وسيرجي لإسعاد موظفيهما، فالبيئة السوية تخرج تنفيذيين أسوياء والبيئة المريضة تخرج تنفيذيين مرضى. من ناحية أخرى فكر أن تفتح أي مشروع في المملكة لتجد جميع الجهات الحكومية لا تقدم لك الدعم المأمول من وزارة العمل إلى البلديات إلى وزارة التجارة إلى الجمارك إلى هيئة الأمر بالمعروف، كم هائل من العراقيل والشروط لإصدار أي رخصة بزنس، تحتاج معها إلى أن تكون “هامورا” كبيرا لتتجاوز كل هذه العراقيل والبنوك تلتهم المبتدئين في عالم “البزنس” لدينا بفوائد مركبة ما أنزل الله بها من سلطان وتواريخ سداد أسرع من لمح البصر ومؤسسة النقد تغض الطرف عن كل هذه الممارسات الجشعة وكأن الأمر لا يعنيها. هذه ليست دعوة للإحباط ولكنها حقيقة مرة لا بد من قولها وحتى لا نُطعم شبابنا حلم النجاح الأمريكي، لأن أمريكا أرض الفرص على مستوى العالم كله، وفرق بين أرض تمنح الفرص وأرض تغتال الفرص.