«الإحسان».. الخُلق الحميد الذي تعب الإعلامي «أحمد الشقيري» من ترديده على مسامعنا خلال برنامجه «خواطر» في شهر رمضان الماضي، مذكرا بأنه كان أحد أسباب نجاح الحضارة الإسلامية ونهوضها في ذلك الوقت، ومشيرا إلى أهميته ومدى حاجتنا إليه اليوم. شهر رمضان الذي شهد أيضا مع ثوانيه الأولى ولادة أكبر وأهم مشروع محلي على مستوى عالمي «ساعة مكة». فرحتنا بهذا المشروع العظيم جعلتنا نرفع أصواتنا عاليا مطالبين بأن تكون ساعة مكةالمكرمة توقيتا عالميا على غرار توقيت جرينتش، متناسين في وسط هذا الفرح العظيم شبح المشروعات «الأمطار» التي هي رحمة للناس، ومقياس لنجاح وفشل المشروعات المعمارية وللأسف الشديد! هذا ما حدث مع أمطار جدة وسيولها في العام الماضي، وما حدث الأسبوع الماضي مع ساعة مكة«الجديدة» أمطار لمدة ثلاث ساعات.. في وقت سابق للتوقعات كانت كافية لأن تكشف الستار عن حقيقة نجاح المشروع ودقة صنعه! توقفت وتوقفت معها أصواتنا أمام دهشتنا الكبيرة، فكيف لمشروع حديث الصنع وبكلفة عالية أن يسقط أمام أول اختبار بسيط؟ تذكروا كانت أمطارا لثلاث ساعات فقط! حتى نفهم الصورة بشكل أوضح دعوني أحدثكم عن «بيج بين» أشهر ساعة في العالم وأدقها، تبلغ القرن ونصف القرن من العمر، تميزت بصمودها أمام جميع العوامل السياسية والطبيعية. لم تتمكن منها الطائرات الحربية الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، ولا ثلوج لندن ولا أمطارها الغزيرة. وحتى نكون واقعيين كان العطل حاضرا أيضا في «بيج بين» من حين لآخر كل سبعة أعوام، وهو أمر لا يعيبها أمام عدد أعوامها الطوال. الإتقان، الأمانة، الإخلاص، التعاون، المسؤولية، وحب الوطن.. كانت عناوين جميلة لمواضيع حصص الإنشاء في بداية دراستنا الأولى. اخترنا لها البقاء حبيسة الأسطر والورق وذكرى مقاعد الدراسة. ولسان حالنا اليوم اكتفى بأن يردد مع فيروز طربا «كتبنا وما كتبنا.. ويا خسارة ما كتبنا».