شارك إيشكين تاكاهاشي الذي ارتدى درع الساموراي مع آلاف آخرين في مهرجان قديم أقيم في عطلة نهاية الأسبوع قرب مفاعل فوكوشيما النووي في اليابان. وكان مهرجان “سوما نوماوي”، أو سباق الجياد البرية العائد إلى ألف سنة، ألغي العام الماضي بعد صدور الأوامر بإخلاء المنطقة إثر الكارثة النووية والخوف من الإشعاعات مع الزلزال والتسونامي في 11 مارس 2011. لكن بعد سنة على ذلك، يأمل تاكاهاشي، وآخرون ارتدوا الملابس العائدة إلى القرن العاشر، بإحياء تقليد المهرجان للمساعدة في رفع المعنويات في هذه المنطقة التي ضربتها الكارثة في الصميم، ولتشجيع جيل الشباب. ويقول الرجل البالغ 69 عاماً، فيما الشمس تلقي بأشعتها الحارقة على بلدة ميناميسوما الصغيرة الواقعة على بعد 20 كيلومتراً من المفاعل النووي الذي حدثت فيه الكارثة بعدما طمرته أمواج التسونامي “إنها خطوة أولى رمزية نحو التعافي”. ويوضح “بعض بلداتنا لاتزال مهدمة، لكن نحن على ثقة بأننا قادرون على إعادة بنائها وجعلها أفضل حتى”. ميناميسوما لم تعد إلى سابق عهدها بعد، إذ إن كثيراً من سكانها فروا إلى بلدات ومناطق أخرى في اليابان خوفاً من العيش في ظل المفاعلات التي تعرضت لكارثة نووية كبيرة. إلا أن الحياة دبت مجدداً في شوارعها السبت مع سكان محليين عادوا فقط لحضور المهرجان وهم يمتطون الجياد في ميدان بني خصيصاً للمهرجان الذي يمتد على ثلاثة أيام. وجال المشاركون الذي اعتمروا خوذات مزخرفة، وحملوا سيوفاً تقليدية يابانية على الجياد تتبعهم مسيرة ترفع الأعلام الملونة تحمل رموز العائلات الإقطاعية. وصدحت أصوات الأبواق في الشوارع مع عشرات آلاف من الزوار أتوا لحضور العرض القديم مع أبهة عسكرية ومشاركة 400 حصان. ويقول كوهي إيناموتو (20 سنة) العامل في مصنع الذي عاد موقتاً لحضور الحدث، بعدما فر مع عائلته إلى شيبا جنوب طوكيو “نومايو هو حافزي الأكبر في الحياة. يشكل تواصلي الروحي مع بلدتي. لولا المهرجان لكنت تخليت نهائياً عن مسقط رأسي”. ويهدف هذا المهرجان إلى إعادة تمثيل معركة من القرون الوسطى مستوحاة من مناورات عسكرية سرية كان مقاتلو الساموراي يقيمونها في جماعة سوما الضيقة. وقال شيغورو أوشي (60 عاماً)، وهو يقف إلى جانب حصانه “أنا سعيد بعودة المهرجان، لكننا مسنون، ونخشى ألا يستمر”. ويضيف “أنا قلق، لأن الشباب يهجرون البلدة بعد الكارثة، إلا أنني آمل أن يواصل الشباب الباقون المسيرة، ويسلمون الشعلة إلى الجيل المقبل”. ومنذ عقود، تشهد البلدات اليابانية نزوحاً كبيراً للشباب إلى المدينة، إلا أن الكارثة زادت من هذا الميل، والمسنون يخشون ألا يعود المهرجان إلى سابق عهده ومجده. ويقول هيدكي نودا، وهو مزارع في الثالثة والعشرين، إنه يريد أن يبقى المهرجان مستمراً، لكنه غير أكيد متى سيعود إلى بلدته. ويؤكد مبتسماً: “أنا فخور جداً بالمهرجان. والجيل الشاب يجب أن يتولى مسؤولية الإبقاء على هذا التقليد العائد إلى ألف عام”. وأدى الزلزال والتسونامي الذي لحقه إلى 19 ألف قتيل ومفقود، وقضى على أنظمة التبريد في محطة فوكوشيما النووية، مما أدى إلى انتشار إشعاعات في منطقة واسعة، ما أدى إلى إجلاء آلاف الأشخاص. وعاد بعض السكان إلى مناطق مجاورة، إلا أن كثيرين لم يعودوا، وثمة مخاوف من أن البلدات المجاورة لن تعتبر آمنة للإقامة فيها قبل عقود من الزمن. حتى أن إقامة المهرجان هذه السنة شكل تحدياً، إذ احتاج المنظمون إلى سنة لتحضيره. وعمدوا إلى إزالة التلوث من الحلبة ومدرجات المتفرجين، ونقلوا الأحصنة من مناطق أخرى. وقضى حوالى مائة حصان محلي في التسونامي غرقاً، أو جوعاً، بعدما حظر الدخول إلى المنطقة المحيطة المحطة النووية. وقال أحد المنظمين كوينشي فوجيتا: “نأمل أن ذلك سيساعد في تسريع عملية إعادة بناء بلدتنا”. أ ف ب | ميناميسوما (اليابان)