تحولت رواية “المصابيح الزرق” إلى مسلسل بارز لهذا العام، وهو عمل مبني على رواية للكاتب السوري حنا مينة تحمل الاسم نفسه، وتصور الجو المحموم الذي كانت تعيشه سوريا أيام الحرب العالمية الثانية في ظل الانتداب الفرنسي، إلا أن المسلسل لا يصور الحرب بقدر ما يتناول حياة الناس، ويوميات عيشهم آنذاك. ويصعب العثور على بطولة مطلقة في رواية حنا مينة (مواليد العام 1924)، فهو قصة أسرة فقيرة، حي، ومجتمع يقف كله في مواجهة الحرب والاحتلال من جهة، ومن جهة أخرى في مواجهة الفقر ولقمة الخبز والبطالة والسجن. وبالطبع، لا يفوت الناس رغم صعوبة العيش الالتفات إلى شؤون القلب، قصص الحب والمرح. ويبدو المسلسل مخلصاً لهذه بالذات، إذ استطاع أن يشيع أجواء كوميدية ومرحة، رغم القسوة البالغة في خلفية المسلسل. إزاء مسلسل تلفزيوني مأخوذ عن عمل أدبي (كتب السيناريو له محمود عبدالكريم) يجد المرء نفسه دائماً أمام سؤال “أيهما الرابح وأيهما الخاسر”. ويقول مخرج المسلسل فهد ميري لوكالة فرانس برس “المقارنة صعبة، فللمسلسل شكل، وللرواية شكل آخر، غير أن الرواية موجودة في المسلسل، من دون أن يكون هذا موجوداً في الرواية. روح الرواية موجودة في الأماكن والشخصيات كما في الحوار”. أما لماذا هذه الرواية بالذات، وفي هذا الظرف، يجيب المخرج “الآن يكتنف المفاهيم الإنسانية عهر أخلاقي واجتماعي، الكذب مباشر وفج، وفي العمل ندعو إلى علاقات إنسانية جميلة”. ويضيف “المسلسل يصور بيتاً ساحلياً يضم جميع أطياف المجتمع يعيشون أجواء طيبة، توظف في ما بعد بالنضال ضد المستعمر الذي هو في الحقيقة أساس الفقر”. ويتابع قائلاً “صعب أن تحقق معادلة اجتماعية إلا بوحدة أفراد المجتمع. الآن في هذه المرحلة نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى هكذا علاقات، في وقت يغيب فيه الحوار، حوار المرء مع جاره، أو مع صديقه، ولو أننا فهمنا هذه الرواية لما شاهدنا ما يجري من جرائم وفظائع على الصعيد الاجتماعي والإعلامي”. وينفي المخرج، رداً على سؤال، أن يكون المسلسل موجهاً في إطار استعادة حقبة الفرنسيين، في ظل الأزمة في العلاقات السورية الفرنسية حالياً، قائلاً “العمل ملحمة لا يتحدث فقط عن الجانب الوطني، ففيه قصص حب جميلة، كما أنه قائم على الفكاهة. إنه نوع من بانوراما لكل المرحلة”. ويقول الناقد سعد القاسم لوكالة فرانس برس “إن مسلسل المصابيح الزرق هو من أهم الأعمال المأخوذة عن رواية. فهو أمين للرواية، وفي الوقت نفسه فيه رؤية بصرية متطورة بالتعامل مع الأحداث”. ويضيف القاسم “أجواء الرواية غنية بالتفاصيل، والمسلسل استطاع التعبير عنها”. ويؤكد القاسم “بالإضافة إلى ذلك فإن المصابيح الزرق أهم أعمال الموسم التلفزيوني الحالي”. ويشارك في المسلسل سعد مينة، وسلاف فواخرجي، وغسان مسعود، وزهير رمضان، وأندريه سكاف، ورنا جمول، وسواهم. أما المخرج فقدم للتلفزيون من قبل أعمال بارزة من بينها “باب المقام”، و”حروف يكتبها المطر”، و”رجال ونساء”، وغيرها. سلاف فواخرجي في لقطة من مسلسل “المصابيح الزرق” (الشرق) أ ف ب | دمشق