يبدو أن ملف المشروعات الحكومية المتعثرة بات بحاجة ماسة إلى تدخل الجهات العليا في الدولة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل فوات الأوان ، ومن هذا المنطلق فإن الساحة الاقتصادية تترقب خلال الأيام القليلة المقبلة أن يصدر المجلس الاقتصادي الأعلى حزمة جديدة من الإجراءات الهادفة إلى معالجة مشكلة تعثر تنفيذ المشروعات الحكومية التي تحولت إلى ما يشبه الظاهرة التي باتت بحاجة إلى إجراءات رادعة وقرارات حازمة وصارمة، قبل أن يستفحل أمرها، وتطول العديد من المشروعات الأخرى . ومن المتوقع أن تعالج القرارات المرتقبة هذا الملف الشائك، الذي يعزو البعض أسبابه إلى ضعف الإشراف الحكومي والاستشاري، هروب العمالة ، ضعف الدراسات والتصاميم، إضافة إلى عدم كفاية اعتمادات المشروعات، وضعف أداء المقاولين وخاصة مقاولي الباطن. بيد أن الأمر اللافت في هذه القضية الخطيرة ، أن المشروعات ذات العلاقة الوثيقة بالتنمية والخدمات والمرافق التي تهم المواطن، تجيء في مقدمة المشروعات المتعثرة لعدة أسباب منها ما يتعلق بنظام طرح المناقصات وترسيتها، ومنها ما يتعلق بالاستشاريين والمشرفين من قبل الجهة المالكة ودورهم في المتابعة وحل المشكلات وصرف المستخلصات ودعم المقاولين على مختلف الأصعدة ، إضافة إلى الأسباب التي تعود إلى تقاعس المقاولين المنفذين للمشروعات، وعدم أخذهم بالوسائل والأساليب والطرق التي تساعد على إنجاز المشروعات بالجودة العالية، وفي الوقت المحدد. وتكمن خطورة ظاهرة المشروعات المتعثرة في أنه لا أحد يريد أن يعترف بدوره في تحمل هذه المسؤولية ، إذ تتبادل مختلف الأطراف الاتهامات في هذا الشأن، فالأجهزة المعنية تحمل المقاولين المسؤولية المباشرة وغير المباشرة، وتوجه لهم أصابع الاتهام، فيما هم أي المقاولون يحملون أجهزة الإشراف بالجهات الحكومية مسؤولية تعثر المشروعات، ويبررون ذلك بعدم قدرتها على التعامل مع حجم ونوع المشروعات الراهنة التي يرون أنها تفوق إمكانياتها البشرية والفنية والمالية. وليس أدل على حجم تفشي ظاهرة المشروعات المتعثرة من لغة الأرقام ، التي تقول إن المشروعات البلدية تعد من أكثر المشروعات تعثرا بواقع 166 مشروعا متعثرا في غالبية المدن السعودية ، فيما تكشف الإحصاءات أن خسائر هذه المشروعات تقدر بمليارات الريالات. ومن هذا المنطلق فإن الرأي العام ينتظر بلهفة شديدة قرارات المجلس الاقتصادي الأعلى لمعالجة هذه الظاهرة.