إن بعض مثقفينا يعيش أزمة وعي حينما يضخمون الأنا ويحصرون ثقافتهم في حب التملك والإشباع الثقافي وإسقاط رأي الآخرين ويجب أن ندرك أن مفهوم (قوة الأنا) يختلف اختلافا كليا عن مفهوم “تضخم الأنا”؛ فالمفهوم الأول ينتج لنا مثقفا حقيقيا تنويريا أو ما يسميه محمد أركون ب”المثقف النقدي” الذي يتناول ثقافته من خلال نقد النصوص متجاوزا كل نمطيات الأنا المتضخمة وانعكاسها على الواقع، أما “الأنا المتضخمة” فهي تسعى بطبعها إلى نفي الآخر وعدم الاعتراف به وفرض الهيمنة والفوقية والتعالي عليه مما يفقد الثقافة قيمتها التي نراهن عليها كمحصلة مستقبلية. وقد أشار الدكتور الغذامي في كتابه عن تضخم الأنا الشعرية لدى بعض الشعراء كالمتنبي وأدونيس ويرى أن تضخم الذات عندهما يمنعهما عن رؤية الآخر أو الانتماء إلى أي طبقة غير طبقة الفحول أو طبقة الشعراء الكبار. وهذا يؤكد حقيقة الذهنية الهشة التي يعاني منها بعض مثقفينا حيث لا يمكن لهذه الأنا المتضخمة إلا توريث ثقافة رجعية تنحاز للذاتية لا العقلانية وبطبيعة الحال هذا منحى خطر في ثقافتنا العربية، مرده إلى المسار الذي انتهجه المثقف وبالتالي أذاب السلوك الثقافي لديه، وأكسبه الثقة المفرطة التي قد تخدش مستواه الثقافي في كثير من الأحيان، وتجعله غير قابل للنقد أو التوجيه. وحتما ستكون المحصلة الثقافية غير أنموذجية في كثير من تمثلاتها وقيمها تجاه الآخر.