المثقف الواعي هو الذي يؤسس له هوية تستحوذ على اهتمام الآخر متجاوزا حالات كثيرة من النرجسية التي تعتبر كسلوك استعلائي قلما ينهض بالمفهوم الحقيقي للثقافة الحية، لأن الثقافة أرشيف مدلولي لذات المثقف تتمخض من خلال مفاهيمه السلوكية المتأصلة في ذاكرته كإرث وجودي يدلل على انصهاره في واقع المجتمع، لتأسيس مرحلة نموذجية لدى كل من يعتبر الثقافة صورة مغايرة لفكر المثقفين. تضخم الأنا للمثقف سلوك نفسي مزمن له مسبباته وعوارضه، والشخصية التي ابتليت به تأخذ حاجتها من المديح والإعجاب وترفض كل من يحاول نقدها أو مزاحمتها مما يشكل انعكاسا سلبيا يجرد الثقافة من أبسط حقوقها ومن أدق شمولياتها، وفي اعتقادي أن هذا نتاج حالة متورمة –إن صح التعبير – فرضتها ذاكرة إقصائية مورست بحق من يتصف بهذا المفهوم. إن ” شخصية الأنا المتضخمة ” تأخذ سلوكها من نسقية الشخصية النرجسية بكل تعاليها ومن الشخصية التسلطية بانفعالها واندفاعها وتأخذ أيضا تصوراتها من الشخصية الاحتوائية التي تسعى لأن تبهر الآخر بطرق التوائية بعيدة عن صيغة الخطاب الثقافي والذي بدوره يؤثث لمعالجة أخطاء الهوية ” هوية المثقف ” وعدم انحيازه لسلوكياته وممارساته التي تجعله يسلع ثقافته عبر مد جسور خاطئة تكشف عن تصرفاته.. والتي قد يسقطها الآخر على ثقافة بيئته، على أن أعود في المقال القادم لأبين الفرق بين مفهوم ( قوة الأنا ) واختلافه الكلي عن مفهوم ” تضخم الأنا “.