تظهر بعد أكثر من تسعين عاماً على فتوى الأزهر عام 1926 بمنع تصوير الأنبياء والصحابة على الشاشات الكبيرة في حينها، وانسحاب هذه الفتاوى على الشاشة الصغيرة منذ الخمسينات، شخصيات الصحابة على الشاشة الصغيرة في مسلسل “عمر”، وهو عمل من إنتاج شركة سعودية. ويعتبر هذا أول ظهور عربي لشخصيات الصحابة على الشاشة الصغيرة، بعد أن كانت ظهرت مثيلاتها قبل سنوات على الشاشات العربية مدبلجة عن الدراما الإيرانية، وذلك بعد سقوط احتكار الدولة لوسائل الإعلام وظهور القنوات الفضائية الخاصة التي تجاوزت في مواقفها الشاشات الرسمية. وسبقت الدراما الإيرانية العربية ببضع سنوات في تجاوز فتوى الأزهر عام 1926 الذي منع تصوير فيلم عن الرسول تحت ضغط من جماعات مصرية سلفية حينها وانسحابها على مؤسسات الإفتاء في العالم الإسلامي في تثبيت فتوى الأزهر بمنع ظهور الرسل في التلفزيونات، وفي الفن التشكيلي. وقد قدمت خلال ذلك الدراما الإيرانية مجموعة من المسلسلات، بينها مسلسل عن النبي يوسف، وآخر عن السيدة مريم العذراء، وثالث عن حفيدي الرسول الحسن والحسين بن علي بن أبي طالب. وتستعد السينما الإيرانية الآن لإطلاق أول فيلم عن النبي محمد نفسه في العام المقبل. واعتبر الناقد طارق الشناوي أن المؤسسة الدينية كان لابد لها أن “تعيد التفكير في التطورات الحاصلة على جميع الأصعدة، وبما في ذلك تلك التي تفرض ظهور هذه الشخصيات في الأعمال الدرامية الدينية والتاريخية”. وبحسب الشناوي، فإن “تقديم هذه الشخصيات لأول مرة من إنتاج شركة سعودية يعتبر هزيمة للمؤسسات الدينية الرسمية، لأن الأزهر ودار الإفتاء السعودية، وكثيراً من علماء الفتاوى مازالوا يقفون الموقف نفسه، فيما تجاوزه كثير من العلماء الآخرين”. وترى الأستاذة في المعهد العالي للسينما ثناء هاشم أن إظهار هذه الشخصيات في المسلسلات من شأنه “نزع القداسة عنها، ولا قدسية (للبشر) في الإسلام، وبالتالي يتيح مناقشة هذه الشخصيات ودورها الديني والتاريخي، مع ما يعنيه ذلك من تطور للفكر وإعمال للعقل”. وهذا الصراع الدائر حول ظهور شخصيات الصحابة في مسلسل “عمر” داخل المؤسسات الرسمية الدينية وخارجها عكس نفسه على الرأي العام ما بين مؤيد ورافض. وحملت صفحات الإنترنت جدالات حول ذلك. ومن بين المعارضين الذي دعوا شعبياً لمقاطعة المسلسل الداعية الإسلامي محمد الهبدان، الذي طالب في برنامج على إحدى الفضائيات بمنع عرض المسلسل. وانتشرت على صفحات الإنترنت حملات لمقاطعة المسلسل، منها حملة “أتعهد” الإماراتية التي انطلقت بعد إطلاق وزير الخارجية عبد الله بن زايد على تويتر دعوة لمقاطعة مشاهدة المسلسل. يذكر أن مسلسل “عمر” لحاتم علي، وتأليف وليد سيف، ويتشارك في تقديمه ممثلون سوريون وتونسيون ومصريون. وتقوم المحطات العربية التي تبثه بتقديم دعاية ودعم لعرض المسلسل من قبل الداعية الإسلامي عمرو خالد. أ ف ب | القاهرة