تحدثت في مقال سابق بعنوان «وجه آخر للفساد» عن تأشيرات حرة بالآلاف تباع في السوق السوداء وتسيح فيها العمالة في بلادنا دون ضابط، ومصطلح التأشيرات الحرة هو مصطلح أطلقه المتعاملون في السوق السوداء لمن يشتري تأشيرة ويعطيه الكفيل أو صاحب التأشيرة الحق في أن يعمل ما يشاء وأينما يشاء مقابل شرائه للتأشيرة بمبلغ ليس بالقليل وتكون الرابطة الوحيدة بين العامل والكفيل هي لحظة تجديد الإقامة وتأشيرة الخروج والرخص على حساب العامل وقد يكون هناك مبلغ مقطوع سنوياً أو لا يكون بحسب الاتفاق، وهذا الاصطلاح الذي وصفه المتعاملون لا يعني أن هناك في مكاتب الاستقدام ووزارة العمل فئة تسمى التأشيرات الحرة غير أن ذلك لا ينفي وجودها وبكثرة تثير القلق حيث تصل بحسب دراسة الدكتور حامد المطيري المنشورة في الجزيرة أن العمالة غير النظامية 1.2 مليون عامل سنوياً يشكلون 27 % من إجمالي العمالة الرسمية أي أكثر من الربع، وبينت الدراسة أن أكثر الطرق شيوعاً هي فتح مؤسسات وهمية من أجل استخراج تأشيرات بدعوى الحاجة إليها ثم بيع هذه التأشيرات أو طلب تأشيرات لمؤسسات قائمة أكثر من الحاجة وبيع الفائض في السوق، ومع أن هناك قرار صدر عام 1425ه يحظر بيع التأشيرات والحصول على مقابل تشغيل العامل فإن أرقام الدراسة الكبيرة التي وقفت عند حدود 1430ه أي بعد خمسة أعوام من القرار يوحي بأن القرار في واد والممارسة في واد آخر، وإن كنت أتوقع انخفاض هذه الأرقام في السنتين الأخيرتين للجدية في منع وإيقاف منح التأشيرات لغير الحاجة الفعلية للعمل ومتابعة أوضاع المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل من قبل وزارتي الداخلية والعمل لكن تبقى معالجة الأوضاع المخالفة منذ فترات سابقة هي الأهم في ظل الأرقام التي ذكرها الدكتور المطيري التي إن لم تكن تمثل الواقع الحالي بدقة بسبب الإطار الزمني للدراسة فإنها تعطي على الأقل مؤشراً لما هو عليه الحال الذي لا يخفى على أحد، ويكفي لمن أراد التأكد أن يقوم بجولة بسيطة في سوق العمل ليعلم حجم وانتشار هذه السوق السوداء للتأشيرات.