اعتبر وزير العمل الدكتور غازي القصيبي العمالة السائبة والمتاجرة بالتأشيرات وجهين لعملة واحدة، في وقت تحولت تجارة بيع التأشيرات سوقاً سوداء تدر مبالغ طائلة على المتاجرين فيها. وقال القصيبي في حديث مع «الحياة»: «ترتدي تجارة التأشيرات عباءة شبه رسمية، إذ تسير بحسب الأنظمة واللوائح الموضوعة من وزارة العمل والجهات المختصة الأخرى، وتصل قيمة التأشيرة الواحدة إلى نحو 30 ألف ريال، فيما لا يكلف الحصول عليها إلا مبلغاً بسيطاً، وما يحدد سعرها في السوق جنسية العامل والطلب». وراهن القصيبي على أن «الحديث عن طرق الحيل والخداع والكذب، التي تلجأ إليها شريحة في استخراج التأشيرات لبيعها، ينم عن الجشع المادي وغير الأخلاقي»، مؤكداً أن «الوزارة كلما سدت طريقاً يعمد المتاجرون إلى فتح آخر». وضرب مثالين على الخداع، «الأول: يأتي شخص إلى المكتب باكياً، على أمه المريضة وحاجتها إلى أربع ممرضات، وما أن يأخذ التأشيرات حتى يبيعها»، والثاني أسوأ من الأول، تقدم فيه آلاف المؤسسات طلبات ترخيص من مكاتب العمل، بعد أن تضع لوحات وأثاث لمكاتبها، وبمجرد حصولها على رخصة العمل، تغلق أبوابها وتبيع التأشيرات». ونفى أن «تكون تجارة التأشيرات بسبب تهاون الوزارة في منحها، كما أنه لا يوجد ما يسمى بالتأشيرة المفتوحة أو أخرى تصدر من خارج الوزارة»، مرجعاً المتاجرة إلى «مواطنين تعودوا الارتزاق ببيعها، لاجئين إلى حيل، سنقف لها بالمرصاد»، إلا أنه في «نهاية الأمر يصعب التعامل مع إنسان لا يملك ضميراً». من ناحيته، قال صاحب مؤسسة خاصة للخدمات، تحتفظ «الحياة» باسمه إن «كثيراً من أصحاب المكاتب الخدمية أو ممن يفتحون مكاتب مقاولات أو ذات أنشطة عامة، يبيعون ويشترون التأشيرات بحسب حاجتهم»، موضحاً أن «أصحاب المكاتب المتاجرين في التأشيرات يحصدون أرباحاً طائلة، وفي الوقت ذاته لن يخسروا شيئاً في حال لم يتم بيعها، إذ سيستخدمونها في استجلاب عمالة خاصة بهم». وذكر أن «بيع التأشيرة لا يعني انتهاء مسؤولية البائع، إنما يظل العامل على كفالته أو ينقلها إلى شخص آخر، كما أن البعض يشترط نقل الكفالة بعد عام، فيما يشترط آخرون مبالغ مالية تدفع شهرياً من العامل الذي اشترى التأشيرة». وذكر المدير العام لمركز المعلومات والدراسات في وزارة الخارجية الأمير السفير محمد بن سعود بن خالد، أن بوابة «وزارة الخارجية الإلكترونية أصدرت نحو 27 مليون تأشيرة إلكترونية، وتبدأ أسعار التأشيرات من خمسة آلاف ريال وتصل إلى 30 ألف ريال، ويعتمد ذلك على شدة الطلب عليها». وذكر صاحب المؤسسة أن «تأشيرة مصرية بدأ سعرها من 12 ألف ريال في الدمام، وانتهت في مصر ب 28 ألف ريال، وتجد التأشيرات اليمنية والباكستانية والبنغالية طلباً أكثر من غيرها، ويشكل مواطنو التأشيرة الزبائن المحتملين دائماً». وتابع: «كثير من المشترين عادة يكونوا من الراغبين في جلب أقاربهم، أو ممن يتاجرون بها، يشترونها من السعودي ويبيعونها إلى بني جلدتهم بفارق مربح». ويتبع البائعون طرقاً خاصة في الترويج للتأشيرات، تبتعد في شكل رئيسي عن الإعلانات الصريحة، وإن قام بعضهم بعرض بيع تأشيرة في صحف الإعلانات إلا أنها بنسبة لا تلفت الانتباه، وتتمثل الطريقة الأفضل في الترويج بالاستعانة بالمعارف، وعادة ما يتم تبادل معلومة وجود تأشيرة، إلى أن يصل إلى زبون محتمل. ويأتي دور مكاتب الاستقدام مكملاً للعملية، وعلى رغم أن دورها مقتصر على إنهاء بقية الإجراءات الرسمية، كما أوضح حسين الباشا، موظف في مكتب استقدام. وأضاف: «ان عمل المكتب مقتصر على إنهاء الإجراءات الرسمية، ولا علاقة له بما يتم بين بائع التأشيرة وشاريها». وأشار تقرير حكومي إلى أن التأشيرات الصادرة للعمل في القطاع الحكومي في 2005 بلغت 32034 ألف تأشيرة، وارتفعت في عام 2007 إلى 51935 ألفاً، بزيادة بلغت 62.1 في المئة. وذكر التقرير أن التأشيرات الصادرة للقطاع الخاص بلغت 425639 تأشيرة في عام 2005، وفي 2007 بلغت 1.2 مليون تأشيرة، بزيادة 184.9 في المئة. ويرى مراقبون أن نظام التأشيرات وما يترتب عليه من وجود كفيل مهدد بالتغيير في حال خلصت الجهات المعنية إلى العمل باقتراح الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، التي دعت فيها إلى تصحيح العلاقة بين العامل وصاحب العمل.