تغيّر المزاج الرسمي والشعبي الأردني بشكلٍ مفاجئ بعد تفجير مركز الأمن القومي السوري في دمشق لتدخل الأردن ما يشبه أجواء حرب، فيما تراجع الاهتمام بكل الموضوعات المحلية ليتصدر الملف السوري المشهد وسط توقعاتٍ بأن تبحث المستويات العليا في الدولة فرض حالة الطوارئ. في الوقت نفسه، علمت «الشرق» أن الجيش الأردني فرض حالة التأهب في المنطقة الشمالية منذ أكثر من أسبوع، ولكنه رفع حالة التأهب أمس الأول وبدأ تحريك طائرات مروحية ودبابات إلى مناطق شمال المفرق قرب الحدود مع سوريا، ولم تستبعد مصادر «الشرق» أن يكون من بين المعدات التي تم تحريكها ما يتعلق بالوقاية من الأسلحة الكيماوية. وقالت ذات المصادر إن التحركات العسكرية الأردنية هي الأكبر منذ اندلاع الأزمة السورية، ولكنها لا تصل إلى حد تكوين حشود عسكرية. إلى ذلك، توقع رئيس وزراء أردني سابق ل «الشرق» أن تؤثر تطورات الأزمة السورية وتداعياتها تلقائياً على الأردن معتبرا أن انتقال آثار تلك الأزمة إلى الأردن ليس بحاجة إلى إجراءٍ انتقامي من قِبَل النظام السوري «بل هو انتقال محتم ولا مفر منه»، حسب قوله. وعلى الصعيد الداخلي الأردني، ذكرت مصادر وثيقة الاطلاع ل «الشرق» أن دوائر القرار الأردنية تدرس بشكل جاد اللجوء إلى إعلان حالة الطوارئ في البلاد لتتمكن السلطات من اتخاذ إجراءات من بينها حلُّ البرلمان وإصدار قوانين مؤقتة واتخاذ إجراءات أمنية مشددة، وهو ما أثار مخاوف وقلق معارضين رأوا أن فرض الطوارئ سيمكِّن الحكومة والأجهزة الأمنية من استغلالها للتضييق على النشطاء المطالبين بالإصلاحات الداخلية. وطيلة مساء الأربعاء ونهار الخميس انشغل الأردنيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الاتصالات الهاتفية في الحديث عن احتمالات التصعيد على الحدود الأردنية السورية وعن حالة الطوارئ المفترضة، في حين طغت الأخبار المتعلقة بهذا الملف على كافة الأخبار الأخرى. وكان الملك عبدالله الثاني تحدث، في مقابلة مع محطة «سي. إن. إن»، عن مخاوف أردنية من وقوع أسلحة كيماوية سورية في يد القاعدة، وعن الهزة القوية التي أصابت نظام بشار الأسد، ولكنه أكد ضرورة عدم التسرع في الاستنتاج، وهو ما يشير إلى استمرار سياسة الحذر الأردني وعدم الرغبة في التدخل فيما يجري في سوريا. ولا تقتصر مخاوف الأردن على الأسلحة الكيماوية السورية ولكنها أساساً تتركز على احتمال تهجير مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في سوريا إلى الأردن وعلى مقاتلي القاعدة الذين تخشى الأجهزة الأمنية الأردنية من تسللهم إلى الأردن، سواء سقط النظام السوري أم بَقِيَ. وتقدِّر الأجهزة الأمنية الأردنية عدد مقاتلي القاعدة في سوريا بأكثر من ستة آلاف مقاتل، جاء معظمهم عبر العراق وتركيا ولبنان.