وصلت الأحداث في سوريا الى مرحلة مفصلية خطيرة بعد مرور اكثر من عام من انطلاق احتجاجات مطالبة بأسقاط النظام السوري ومنذ بداية الأزمة اتهم النظام الأحتجاجات بالتبعية الغربية والعربية و التآمر على وحدة البلاد وعلى دور النظام الممانع و المقاوم لقوى الشر في العالم وبدأ النظام بتشغيل ماكينة اعلامية تنفي وجود هذه الأحتجاجات و تقزيمها و تكذيبها من رأس الهرم السلطوي الى القاعدة وهذا ما رأيناه جليا بتصريحات الرئيس السوري " سوريا غير " "يقصد دول الربيع العربي" الى تصريحات المحللي السوريين الذين ظهروا على الساحة الأعلامية حديثا وروجوا مقولة " أن هذه ثورة افتراضية على الشبكة العكنبوتية فقط و ليس لها وجود على أرض الواقع." وانتقل بعدها الأعلام السوري الى مرحلة تكذيب ما سمي قنوات البث الأعلامي " قنوات الفتنة"و نفي كل ما تنشره قنوات التحريض على حد قولهم لكن لم يمضي زمن قصير حتى بدأ الأعلام السوري بالأعتراف بوجود أحتجاجات ضيقة جدا في مناطق ريفية نائية وهنا وقع النظام السوري بأزمة كبيرة وهي ضحايا الأحتجاجات السلمية التي أعترف بها النظام ........ من يقتلهم؟ وحقيقة ان حالة الأنكارالشديد في سوريا اوصلت النظام السوري الى مازق خطير دفعه الى خلق روايات كثيرة عن مندسين و أرهابين سلفيين الى ما هنالك يتبادر الى ذهن المهتمين بالشأن السوري اليوم عدة اسئلة جوهرية : سوريا الى أين ؟ وهل سينجح النظام في قمع الأحتجاجات و العودة الى نقطة البداية؟ هل ستنجح الثورة السورية ؟ و ماهو مستقبل سوريا الجديدة أذا نجحت الثورة ؟ هناك مسلمة اليوم بعد التطور الخطير الذي وصلت له سوريا " أصبح من المستحيل العودة بسورية الى ماقبل آذار 2011 ومع توسع الأحتجاجات في كل مناطق القطر السوري أصبح من المستحيل قمعها أو أحتوائها بعد سقوط عدد كبير من الضحايا و الوصول الى الصدام المسلح بين المعارضة والنظام ." أذا أردنا البحث في مستقبل سوريا و ثورتها يجب أن نبحث في اسباب الثورة حسب وجهه نظر المعارضين و تطور أحداثها ومقومات نجاحها أسباب الثورة السورية كما يراها من فجرها: يقول معارضي النظام السوري أن سوريا دولة بوليسية امنية تفتقد الى سيادة القانون يسودها قانون الطوارىء منذ عام 1963 وتمتللك سوريا أكبر جهاز قمعي و أمني في العالم العربي حيث تملك أكثر من 13 جهاز تقوم هذه الأجهزة بالتضييق على المواطنين وتوظف المخبرين و تتجسس على الأتصالات و الأنترنت أضافة الى أحتكار البعث للسلطة و سيطرة عائلة الأسد على مفاصل الدولة العسكرية و الأمنية و الأقتصادية و الأفتقار الى العدالة الأجتماعية وسيطرة طائفة معينة على القطاع العام وخاصة مؤسسات الامن و الجيش وتوريث السلطه من الأب الى الأبن و الذي شكل سابقة في الأنظمة الجمهورية في العالم ويضيفون أسباب أقتصادية من اوضاع أقتصادية بائسة و غلاء أسعار وأختفاء الطبقة الوسطى وسيطرة عائلة الأسد وحلفاؤها على الاقتصاد السوري و ممارسة التجويع ضد طبقة واسعة من الشعب أدى كل ذلك بطالة واسعة وهجرة كبيرة للعمالة السورية خارج سوريا وكان للربيع العربي الدور الأكبر في وصول ذهنية الثورة وفكرة حدوثها وتطورها و انتصارها في عقول السوريين وفي شباط 2011 أعتدى رجال شرطة على مواطنين في سوق الحريقة بوسط دمشق تظاهر على اثرها مئات المواطنين تحت شعار" الشعب السوري مابينذل" وبعدها اعتقل الأمن أطفال درعا في 6 آذار 2011 اندلعت بعدها الأزمة السورية التي مازالت باقية الى يومنا هذا مخلفة واقعا جديدا في سوريا و المنطقة انتقل فيه الملف السوري من أزمة داخلية الى طاولة الجامعة العربية التي جمدت عضوية سوريا وفشلت في أيجاد حل للأزمة قاد ذلك الملف السوري الى مجلس الأمن و تشكل تحالفت دولية تبنت القضية السورية ادى ذلك الى ظهورملامح سقوط النظام السوري واضحة يمكن ان يلمسها المراقب في المشهد السوري جلية لا يشوبها غبار من خلال وجه كثيرة نوردها كما يلي: وصول نقاط الأحتجاج الى معظم مناطق القطر : يرى كثيرون أن النظام السوري وصل الى مرحلة الطلاق بينه وبين شعبه و فقط الحاضنة الأجتماعية من خلال ممارساته الفاشية القمعية ضد المحتجين هناك مقولة يتداولها زعماء الصهاينة " ما لايتحقق بالقوة يتحقق بمزيد من القوة" وقد طبق النظام السوري هذه المقولة بحذافيرها فقد واجه المظاهرات السلمية بالرصاص الحي و لاحق الناشطين و الأعلامين وقتل أكثر من 13000قتيل وأعداد كبيرة من المعتقلين الذي يمارس ضدهم التعذيب الممنهج لبث الرعب والقضاء على الثورة كسر الناس حاجز الخوف وابدوا شجاعة أستثنائية غير متوقعة في مواجهة أكثر السلطات قمعية في العالم وخرجت مظاهرات بالآلاف بل مئات الآلاف في بعض المدن جابت معظم المدن السورية برغم كل محاولات النظام للقضاء عليها مستخدما كل مؤسساته بمافيها الجيش السوري يقول د. عبد الوهاب المسيري في كتابه من الأنتفاضة الى حرب تحرير فلسطين : " أن التطرف والشراسة ليسا سوى المرحلة الأخيرة التي تسبق تحطم الأسطورة و الرضوخ للأمر الواقع " نرى ذلك اليوم واضحا في سوريا حيث صرحت الهيئة العامة للثورة السورية حديثا أن نقاط التظاهر وصلت اليوم الى أكثر من 700 نقطة ومن يمارس الأحتجاج أكثر من 15% من نسبة السكان ممايشكل سابقة في تاريخ الثورات حيث أن الشعب قوة واقعية لآيمكن سحقها ولايمكن رشوتها ذلك أدى الى فشل السلطة في دحر الأرهاب كما تسميه و اليوم يسكن الخوف و الرهاب في السلطة نفسها تشكيل أطار سياسي للمعارضة السورية بالرغم من كل الأنتقادات التي وجهت ضد المجلس الوطني السوري ألا أنه اليوم يتمتع بشرعية دولية تخوله أدارة سوريا في حال سقوط النظام السوري وشرعية داخلية من خلال دعم المتظاهرين للمجلس و تجلى ذلك في جمعة المجلس الوطني يمثلنا وهذه الواجه السياسية تعتبر أنتصارا كبيرا للشعب السوري الذي عانى من وجود واجه واحده للسياسة السورية على مدار 40عاما حيث لم يكن هناك معارضة سورية حقيقية بالمعنى السياسي بل شخصيات معارضة يحملون رؤى مختلفة و اليوم تتوحد في أطار سياسي واحد يعبر عن نبض الشارع السوري و يحاول بالعمل السياسي الجاد الى تطمين كل الخائفين من انهيار البلد و دمارها بعد السقوط الى قدرة المجلس الى ادارة مرحلة انتقالية تضمن عدم دمار الدولة ويقوم المجلس اليوم بنقل تطلعات و آمال الشعب السوري الى العالم مما يمكن أن نسميه بداية مشروع أستعادة الدولة والنظام الى سلطة الشعب الذي أعطى المشروعية للمجلس الوطني السوري الأعلام الجديد والرأي العام : تقول الأعلامية منتهى الرمحي "نحن لانصنع الحدث و لكن نحن ننقل نحلل " لعب الأعلاميون الجدد والاعلام الجديد المتمثل بمواقع التواصل الأجتماعي دورا كبيرا في نقل الاحداث بكميرات جوالات بسيطة حولتهم الى مراسلين حربين ينقلون للعالم الصورة الحقيقية في سوريا و التي حاول النظام جاهدا لطمسها و تغيبها من خلال رفض وجود اعلام حر ونزيه في سوريا مماكشف ألاعيب النظام و اكاذيبه أما العالم دفع الكثير من المسؤولين الى التعبير عن أنزعاجهم من التلاعب السوري يقول ساركوزي "أن الأسد يكذب بوقاحة" مما لايخفيه الرئيس السوري دوما عن أنزعاجه من الذين يصورون الأحداث و يشهرون بالدولة ظهرت قنوات وطنية معارضة لم تصل الى مستو مهني عالي الجودة ولكنها ساهمت بشكل كبير في دعم الثورة السورية ولكن القنوات الاخبارية العربية بما تملكه من مصداقية ونسبة حضور عالية وخاصة العربية والجزيرة اللتين لعبتا دورا جوهريا في نقل هذه الاخبار الى المشاهد العربي مما ادى الى تعاطف عربي واسلامي كبير مع الثورة السورية حشد الرأي العام ضد ممارسات النظام السوري ويلاحظ المراقب العربي للأعلام السوري مدى العدائية ضد القنوات الأخبارية التي تنقل الأحداث السورية ووصفها بقنوات التحريض و ذهب بعض الأحيان بهجومه منحى أخطر حيث حملها مسؤولية الدم السوري كما تورد الأخبارية السورية و قناة الدنيا القريبة من النظام هذا يدلنا الى الدورالأيجابي الكبير الذي يلعبه الأعلام في دعم أنتصار الثورة السورية كما يراه مناهضي الأسد تدويل القضية : يقول جيمس كلابر مدير الأستخبارات القومي الأمريكي "أن سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد حتمي في مواجهة الاحتجاجات الشديدة في بلاده وهذا ما نلمسه في تصريحات كبار المسؤوليين الغربيين الذين طالبوا الأسد بالرحيل ومع وصول ملف سورية الى مجلس الأمن واتخاذ قرار ضد سورية ولو انه وصف بأنه ضعيف لكن كل ذلك يدل الى وصول القضية السورية الى نهايتها أن مقومات نجاح واستمرار النظام السوري تكمن في خارج سورية وليس داخله حيث يعتبر كثيرون أن النظام السوري قد سقط في الداخل السوري ولكنه مستمربفعل بتحالفات أقليمية هدد فيها باستمرار العالم على لسان كل مسؤوليه بحرب أقليمية و طائفية تجتاح أقليم الشرق الأوسط و اليوم تعتبر القضية السورية ورقة تحالف دسمة لقوى دولية تتفاوض عليها مع الغرب مما عطل ذلك اتخاذ قرار في مجلس الأمن مدة طويلة ويمكن للتفاوض في النهاية الوصول الى حل بسب وجود حدود لدعم السلطة في سوريا وهذا الحل يلبي مصالح الدول الكبرى ولن يكون في مصلحة النظام السوري حتما واذا لم يتم الأتفاق سيكون هناك حل خارج الاجماع الدولي ويمكن ان نرى نواته بمؤتمر أصدقاء سوريا أو الحديث عن تدخل عربي تركي أو تسليح المعارضة ولعل مهمة أنان تمثل شىءمن تفاهم قوى كبرى تمثل اليوم سيف ذو حدين فنجاحها يعني سقوط النظام اذا طبقت بنقاطها الست وفشلها سيفتح باب المجهول على سوريا وهو مايراه محللون تدخل عسكريا مباشر أوغير مباشر يطيح بنظام الأسد المتهاو الوضع الأقتصادي يرى محللون أن الأقتصاد السوري وصل الى حد الأفلاس نتيجة الأزمة القائمة وتوسع الأحتجاجات وبروز الجيش الحر وسوء الوضع الأمني والعقوبات الأقتصادية العربية والدولية حيث صرح مسؤول في الخزانة الأمريكية ان النظام السورية سيفقد رصيده من العملة الصعبة خلال 3 اشهر مما دفعه اليوم جليا في طرحه مخزونه الأستراتيجي الأحتياطي للذهب للبيع وذللك للحصول على السيولة و قد فقدت الليرة السورية اكثر من 40% من قيمتها وتعيش الليرة حالة من التخبط بالسعر وصل قبل شهرسعر الصرف الى 117 مقابل الدولار الأمريكي ثم عاد للارتفاع و اليوم تصرف الليرة ب 80 مقابل الدولار وهذا لاينذر بخير وتعيش البلاد حالة غلاء فاحش تجاوز 200% لبعض المواد و40% كحد ادنى للغلاء ويعيش الموظفون الحكوميون حالة خوف في حال عدم قدرة الدولة على دفع رواتبهم بسب الأشاعات التي يتناقلها الكثيرون وهناك حالة بطالة متزايدة متفاقمة وركود أقتصادي غير مسبوق كل ذلك ينذر بسقوط محتم تشكيل الجيش السوري الحر بعد عدة أشهر من الحراك السلمي في سوريا بدأت المؤسسة العسكرية بالتصدع أمام الضربات التي كان يوجهها الجيش للسكان المدنيين و المجازر التي أرتكبت بحق العزل حيث بدأ تتشكل خلايا عسكرية من ضباط منشقين أبرزهم المقدم حسين هرموش ولحق بهم العقيد رياض الأسعد وبدأت هذه الخلايا تنشط بشكل كبير في أدلب وحمص وريف دمشق ودرعا ودير الزور حيث سيطرت هذه المجموعات على مناطق عديدة من الأرض السورية واثبت الجيش الحر مهنية عالية و خاض معارك كبيرة في الزبداني ورنكوس والقورية وباب عمرو وجبل الزاوية بأسلحة بسيطه أستطاع من خلالها فرض نفسه على الساحة السياسية ومع التخوف الغربي من تحول هذا الجيش الى ميليشيات بدأ الجيش السوري الحر بتشكيل المجالس العسكرية لكل محافظة وربط الجيش السوري بقيادة مركزية ووصل الى التفاهم مع المجلس الوطني الذي شكل مكتب ارتباط عسكري سري وتم صرف رواتب لهذا الجيش ليشكل هذا الجيش في المستقبل القريب الواجه العسكرية للمعارضة السورية واليوم يعمل الجيش السوري الحر بشكل شرعي ومعترف فيه ضمنا كطرف أساسي في الصراع الدائر على الساحة السورية وليس عصابات مسلحة كما حاول النظام السوري الترويج لذلك وظهر ذلك جليا بشكر الرئيس ساركوزي للجيش الحر من كتيبة الفاروق الذي أوصل الصحفيين الفرنسين المحاصريين في باب عمرو وتم تسليمهم للصليب الأحمر أظهر بذلك انضباط الجيش ورسالته الحضارية بحماية المدنيين العزل من القتل و يلتقي مسؤولين من الاممالمتحدة في أطار التفاوض على وقف أطلاق النار تبعا لمبادرة أنان في الحقيقة اثبت هذا الجيش التزامه ومركزيته وتبعيته لصانع قرار واحد بالتزامه بوقف اطلاق النار الذي تعهد به لناصر القدوة نائب المبعوث العربي والأممي بعد لقائه به في تركيا وتظهر اليوم دعوات صريحة من مسؤولين رسمين لتسليح الجيش السوري الذي يعتبر اللاعب الرئيسي الذي يمكن أن يغيير المعادلة في سوريا أذا تم دعمه أن رفض الخدمة و حالات الفرار من الخدمة العسكرية عوامل كبيرة ستؤدي الى انهيار مؤسسة الجيش التي يعتمد عليها النظام بقمعه كل هذا سيقود الجيش الحر الى حرب تحرير يخوضها المضطهد صاحب الحق السليب فأحساسه بشرعية جهاده يشد من أزره و يحفزه على النصر فلو تخيلنا انه قضي على كل المسلحين والمتظاهرين هل سينهي المسألة في سوريا هذا شيء بعيد عن الواقع فالثورة هي أرادة شعب ومن المستحيل كسرها فالشعب مستعد للديمقراطية ليس كما روج العكس وهو ليس مخلوق أقتصادي يمكن رشوته دوما وحرب تحرير الشعب ليس عرائس يمكن تحريكها من الخارج متى وكيف واين يشاء البعض فبالرغم من القتل و الأعتقال و نشر الحواجز التي تمثل رمزا للسيطرة فالسلطة المستبدة تقوم على أساس الغطرسة بضعة آلآف من الجنود يسيطرون على حياة الملايين في ظل استخدام الحد الأعلى من القوة وبالأستناد الى قوة الردع فحواجز التفتيش ليست سوى معرض للقوة يؤكد فيه المستبد السيطرة على المحكومين حيث يصطوفون طوابير ويظهرون الخضوع للسلطة الحاكمة كل هذا لم يكسر ارادة الشعب السوري بالتحرر والديمقراطية أن وجود اطار أيدلوجي ديني لدى قوات الجيش الحر من أيمان بالله والوطن يقابله أيمان بالبقاء من السلطة الحاكمة سيساهم بانتصار الجيش الحر حتما بالرغم من عدم توازن القوى حيث تلعب العقيدة القتالية دورا جوهريا بعامل النصر و الهزيمة ومن المؤكد ان النظام السوري قد وصل اخيرا الى قناعة قوية بحتمية أنتصار هذه الثورة بسب الزخم الكبير و المأزق الكبير الذي يعيشيه مع بوادر ظهور تخلي جزئي من الحلفاء بسب عدم قدرة النظام السوري على الحسم العسكري الذي استمر اكثرمن سنة مما اوصل النظام الى قناعة يسعى لها وهو يلفظ انفاسه الأخيرة ان نهايته ستكون نهاية الآخر مما قد يشكل خطرا حقيقيا على مستقبل سوريا الموحدة .