لم تتأخر اللجنة المكلفة بالتحقيق في جريمة بلجرشي بإصدار نتائج تحقيقاتها مؤكدة ثبوت مسؤولية وإدانة الدورية الأمنية ودورية هيئة الأمر بالمعروف عن الحادثة المأساوية التي أودت بحياة مواطن بريء وإصابة زوجته وطفليهما بجروح بالغة.. ورغم سعادتي بهذه الإدانة السريعة التي استندت إلى شهادات لشهود عيان، فإني أختلف مع بيان اللجنة في نقطتين تحملان مضامين لا ينبغي إغفالها أو الالتفاف عليها. النقطة الأولى هي أن ما جرى لم يكن مجرد «حادثة» كما ورد في البيان بل هو جريمة بكل معنى الكلمة. أما النقطة الثانية فهي حول عبارة تمت صياغتها في البيان بعناية لهدف ما يحتاج إلى وقفة وهو، أن الحادث وقع إثر «تصرف فردي»، إذ في ذلك محاولة لتبسيط الموضوع وتصويره كخطأ لأفراد لا تتحمل الجهات التي ينتمون إليها أي مسؤولية عنه. صحيح أن هناك أوامر وتعليمات تقضي بمنع المطاردة إلا في حالات الضرورة، غير أن هذه الأوامر يتم كثيراً تجاوزها دون أي عقوبات رادعة، والأمثلة حول ذلك كثيرة ويعرفها الجميع. نحن لا نريد أن يكون الهدف هو مجرد امتصاص غضب الناس وتذمرهم مما جرى، لكن الهدف يجب أن يكون علاج جذور المشكلة المتمثلة في استمرار العجز عن كبح تجاوزات بعض أفراد الهيئة وحاجتهم هم وأفراد الدوريات لمزيد من التدريب والتأهيل وحسن الاختيار. أما عن تقصير الشركة المنفذة للجسر ومساهمتها في المأساة فيكفي القول إن آلاف الأرواح أزهقت وتزهق يوميا بسبب إهمال تلك الشركات التي ينطبق عليها بحق المثل القائل: «من أمن العقوبة أساء الأدب». بيان الإدانة صدر لكنه لن يكون كافياً قبل أن تنفذ العقوبات الرادعة بحق المتسببين ومحاسبة الجهات التي ينتمون إليها واتخاذ الإجراءات التصحيحية التي تكفل احترام وتنفيذ القوانين وعدم تكرار مثل هذه المأساة. سؤال أخير: كيف لرجل أن يبيح إزهاق روحي لأتفه سبب؟، وكيف لرجل أن يتسبب في إيذائي ثم يذهب ويتركني للموت؟