دخلت عدن فجر أمس الأربعاء مرحلة جديدة من العنف والتوتر بين القوات الحكومية وقوات الحراك الجنوبي لتتسع رقعة العنف في المحافظة إلى ثلاث مدن في المحافظة هي المنصورة والمعلا والبريقة بعد أن كانت المواجهات تدور في الأولى فقط. وأغلق أنصار الحراك الجنوبي المدنيون والمسلحون كل شوارع مدينة المنصورة التي تعد مركزاً لفصائل الحراك المسلحة التي تدين بالولاء للرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض. وجاء إغلاق المنصورة بعد ساعتين فقط من قيام قوات الأمن المركزي فجر أمس باقتحام منزل أحد قيادات الحراك الجنوبي الشابة، شرف محفوظ، وقتله في منزله بعد أن حاول الفرار حسب الرواية الأمنية. وقال ضابط في الأمن المركزي ضمن الوحدة المرابطة على مشارف المنصورة ل “الشرق” إن زملاءه تلقوا أمراً بالتوجه إلى أحد أحياء المنصورة لضبط عناصر في الحراك المسلح أطلقت النار على دورية للشرطة، وأنه حين وصول الدورية إلى المنزل الذي شهد إطلاق النار حاول القيادي في الحراك مقاومة رجال الأمن فأطلق أحدهم النار عليه ليرديه قتيلاً في الحال. بدوره، أفاد قيادي في الحراك بأن قوات الأمن اقتحمت منزل محفوظ وهي قاصدة قتله وقامت بذلك أمام والدته بحجة أنه من نشطاء الحراك على الإنترنت. في الوقت ذاته، أكدت مصادر في حركة الإخوان المسلمين ل”الشرق” أن القتيل شرف محفوظ كان ضمن 750 شاباً تم تدريبهم في لبنان على يد حزب الله على العمل المسلح بتنسيق من قِبَل علي سالم البيض وعاد إلى عدن ليقود إحدى الفصائل المسلحة التابعة للحراك. اشتباكات عنيفة وعقب مقتل شرف، شهدت المنصورة اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن المركزي وعناصر الحراك أسفرت عن إصابة ثمانية أشخاص وامرأتين وامتدت حتى ساعات الصباح الأولى ليستيقظ سكان المنصورة على مدينتهم وهي مغلقة بالكامل. ويعد شرف ضمن قائمة ب27 من قيادات الحراك المسلح أعلنت السلطات الأمنية أنهم مطلوبون لها كونهم يديرون العمل المسلح للحراك في المنصورة. وبيّنت أجهزة الأمن أنها سوف تقوم بملاحقة من وردت أسماؤهم في تلك القائمة تمهيداً للقبض عليهم وتقديمهم للعدالة، لأنهم يعرضون أمن المديرية وسكانها للخطر. ونشرت صورٌ للقتيل شرف بجانب الرئيس السابق علي سالم البيض في بيروت أثناء وجوده هناك لتلقي التدريبات العسكرية حسب مصادر الإخوان المسلمين في محافظة عدن. وفي مدينة المعلا، اندلعت اشتباكات مسلحة بين قوات الأمن وعناصر الحراك الجنوبي بعد التوتر الذي شهدته المنصورة، وقال مصدر في إدارة أمن عدن ل”الشرق” إن تعزيزات من قوات الجيش والأمن المركزي توجهت إلى المدينة لمواجهة المسلحين. وفي مدينة البريقة، تحاصر دبابات وقوات عسكرية عدداً من المسلحين هاجموا نقطة عسكرية وتحصنوا في أحد المنازل في حي البريقة المكتظ بالسكان. تنظيم جديد وفي سياقٍ متصل، حذر تقرير حديث أصدره مركز أبعاد للدراسات والبحوث من نشوء تنظيم مسلح خطر قادم من تلاقي مصالح تيارات العنف المعروفة في البلاد، منوها إلى أن ملامح هذا التنظيم ظهرت في بعض المحافظات الجنوبية وبالتحديد عدن. وقال التقرير “إن التنظيم الجديد يسعى حالياً لإيجاد مشروعية لسلاحه بغرض تحقيق انفصال الجنوب من خلال إحداث انشقاقات داخل معسكرات الجيش والأمن لتأسيس ما يعرف بالجيش الجنوبي الحر، مستغلا تعاون قيادات عسكرية جنوبية مزدوجة كانت محسوبة على النظام السابق”. وأشار التقرير إلى أن “أهم ما يميز القضية الجنوبية في الذكرى ال 18 لحرب صيف 1994، هو تحول فصيل من فصائل الاحتجاج السلمي إلى فصيل مسلح يسعى من خلال العنف إلى فرض انفصال الجنوب، مخالفا لرؤى بقية الفصائل التي تسعى بمختلف الوسائل السلمية لحل القضية الجنوبية حلا عادلا ومرضيا لشعب الجنوب”. ورصد التقرير اختلالات وصفها بالخطيرة في منطقة المنصورة بعدن التي كانت إحدى ساحات الثورة السلمية قبل سيطرة الحراك المسلح عليها. وأضاف تقرير أبعاد “أن قرار طهران بدعم فصيل البيض المسلح، لم يكن بغرض تحقيق انفصال الجنوب وبناء دولة مستقرة تربطها بها مصالح استراتيجية على المدى الطويل، وإنما لتحقيق أهداف تكتيكية عاجلة متعلق غالبية تلك الأهداف بأمنها القومي، خاصة بعد تغيرات تشهدها المنطقة في ظل ثورات الربيع العربي”. وأشار التقرير إلى أن طهران تحاول إيهام الجنوبيين بدعم مطالبهم لتثبيت قدمها في عدن وباب المندب الذي يفوق مضيق هرمز أهمية في تغذية العالم بالنفط”، مشيرا إلى أن “إيران تستغل حركة الحوثيين المتمردة في الشمال للقيام بالمهام اللوجستية المطلوبة للسيطرة على الجنوب، وتقوم بأعمال استفزازية من شأنها تفجير حرب في المناطق المسيطرة عليها بصعدة شمالا، لتتحول قضيتا الحوثيين والحراك من قضيتين حقوقيتين إلى فزاعة ليس لدول الخليج فحسب، بل للمجتمع الدولي أيضا، وهو ما سيضع المطالب العادلة للقضيتين في دائرة المجهول”.