هذه الفقرة أنقلها عن الفيلسوف محمد إقبال (لحظة إن تغفل يا صاحبي ألف ميل زاد بعد المنزل). أذكر هذه الحكمة جيدا من الطرق السريعة فاجتياز المخرج الغلط قد يكلف أحيانا زيادة السير مائة كيلومتر. حين غلطت في مخرج تطوان إلى سبتة كلفنا دوران مرتين مع دفع رسوم الخروج والدخول. أقول هذا أيضا عن الحوادث التي نستقبلها في الطوارئ. حين يرن البيجر أتأمل الرقم إنه الرقم كذا إنه الطوارئ . دكتور نتصل بك على وجه السرعة في غرفة الصدمات والبلاوي في نفق الجراحة. أعرف أن الأمر جد. أهرع كالطير بدون أجنحة حاملا جهاز الدوبلر الرائع الذي يقول لي هل من إصابة وانسداد في الأوعية. إنها خبرة طويلة وجهاز يعطيك الخبر اليقين في دقائق، ولا حاجة لتضييع الوقت في قسم الأشعة ومتاهاتها. إن من انتبه إلى فكرة الدوبلر أو ظاهرة رجيع الصوت مرتين (الدوبلر = التصويت المرتجع) هو رجل نمساوي اسمه كريستيان دوبلر خدم الإنسانية أكثر من كل ملالي قم وطهران وعابدان. ننصت خاشعين متوترين إلى صوت الجهاز ما الخبر؟ إنها إصابة. ليس من سبيل للانتظار. يا بني: نخاطب الشاب صاحب الحادث كيف حدث ومتى وأين؟ إنها حوادث الطرق المجنونة. الإصابة بليغة جدا لاحس ولا حركة في الأصابع. جروح غائرة عظام مفتتة وعضلات ممزقة وشريان نسف نسفا فكان هباء منبثا في قطع الوريد معه. أصيب أيضا العصب. هلموا اطلبوا جراح الأعصاب ماذا تقول أيها الزميل؟ بعد تثبيت العظام في كسور كثيرة يأتي دور جراح الأوعية لكشف مكان الإصابة الوعائية وبدء الحل في نزع وريد من الصافن الإنسي لوضع شريان جديد محل المتهتك القديم. يقول المثل لولا المزعجات من الليالي لما عرف القطا طيب المنام. يتصلون بك مع نسمات السحر أن هلم يا دكتور امرأة انخلعت كليتها من الوريد الأجوف السفلي فهي تنزف حتى الموت تداركنا؟ يتصلون بك صباحا عند الساعة الثانية صباحا إنه حادث مروري مع إصابة بالغة. ندخل غرف العمليات في وقت طاب فيه النوم وارتخت المفاصل. لا .. إنها الهيعة والميعة، لابد من الانطلاق لغرفة العمليات للجلوس هناك في علاج شريان نسف، ويجب تعويضه في ساعات ممضيات حالكات مقصرات للأعمار. ولكن من يدري؟