«سألت بنت أباها: يا أبتِ ماذا أستر من جسدي وماذا أذر؟ فأجاب: اكشفي من جسدك قدر ما تتحملين من لفح جهنم؟» من منكم وصله هذا الحوار الأبوي المذهل عبر الإيميل أو الواتس وإخوانهم؟ هذا الأب الافتراضي الذي تقدمه الحكمة ماذا فيه من الأبوة؟ رجل بدل أن يشغل مخه ويعطي ابنته قواعد الحشمة التي «لباس التقوى خير» منها يفترض أن نيتها التعري، وبدل أن يخاطب عقلها بالحجة يرعبها بنار الله الموقدة! هل هو نموذج موجود؟ لقد رأيت بعيني من يغطي جسد رضيعة حتى لا تكبر برأيه على اعتياد التعري، ومن بين هؤلاء ويشاطرهم التفكير من غاية طموحه أن يشارك الفراش طفلة باسم زوجة أو ملك يمين! وعلى طاري ملك اليمين اعذروني إني مررت بجثة جاني المدينة وأخته لعل في القصاص منهما حياة لنا وللطفلة راضية مسح الله بطمأنينته على قلبها وقلوب ذويها. أكثر ما استنكرته نساء تويتر السعوديات حين تلقين الخبر هو كيف تواطأت أخت الجاني وزوجتاه وهن نساء مع هذا المنحرف وسهلن له فعلته بفتاة؟! الخبر أشار لعنف الرجل حتى مع أولاده حد التسبب في موت بعضهم وهذا قد يوجد عذراً لهن بأنهن ضحايا متناذرة ستوكهولم، وهذا لا يمكن التأكد منه لأن الأخت ماتت والزوجات يحتجن علاجاً نفسياً مكثفاً حتى يعين ما يقلن. ولأن صحافتنا كسولة وذاكرتها مخرومة أظن أننا لن نحصل على هذه الإجابات. أما كيف انحرف مفهوم ملك اليمين عند جاني المدينة ليصبح اختطاف واغتصاب طفلة فهذا مبحث همومه طويلة. وتشويه تاريخنا الإسلامي جهد فئات لا تفتر بقصد أو دونه في شطب المعاني الجميلة والقابلة للتطبيق في كل زمان واستبدالها بتطبيق يتيم يابس ومزور. الأسبوع الماضي عرضت نماذج سلوك النساء في مركز القرار وعلى رأسهن بلقيس مؤكدة أن السلام أنثى. وهذا الأسبوع أريد أن أعرض لنموذج خديجة رضي الله عنها: المرأة الأولى (الأولى التي أسلمت والأولى التي ناصرت والأولى التي كان لديها من الثقة والنضج ما يجعلها تخطب رجلاً وجدت فيه صفات الزوج المثالي) أريد أن أتخيل معكم تعليمات الرسول وتعامله معها ومع بناته وهن يرجعن إليه في تفاصيل أيامهن بماذا كان يرد؟ وكيف صاغ توجيهاته؟ إن المواقف المتشددة التي يتخذها البعض من المرأة إن خرجت من بيتها دون إذن الرجل أو نامت دون رضاه أو شم آخرون عطرها لا يمكن أن تصنع نموذج المرأة الواثقة القوية ناهيك عن المعينة بنفسها ومالها طوال سنوات الأذى في مكة والحصار في شعب أبي طالب. وخشية من نموذج المرأة الناجحة يا سادة يتم تجييشكم لهزيمة نفسياتنا وتتم برمجتكم على أن قوتنا خطر عليكم ويتم تدريبكم على إقصاء وإيذاء كل امرأة تطالب بحق النساء لأن من يدربكم على ذلك يعرف أن قوة المرأة قوة لكم لأنها ستساندكم بحكمة وستكون بوصلة المسار لمعاني الإسلام والسلام والرحمة وهذا سيؤدي لانتصار الحق وبناء مجتمع الإسلام المتين. لهذا تشوه معاني الدين في عقولكم، ولهذا يشغلونكم ببناء الأسوار العالية حول النساء بدل أن يشرحوا لكم حقيقة لباس التقوى ومعنى غض الأبصار. المرأة التي تطالب بحقوق النساء تريد مربيات فاضلات لعيالكم ومساندات لكم في محنكم ورفيقات درب يخترنكم بثقة بدل أن يحتال قليل منكم فيخطفهن من الشوارع ويحتال أكثركم لجمع ما يسمح له بأخذهن من بيوت آبائهن بفلوس يجمع أولها أول عمره ويقضي تاليه مسدداً باقيها ناظراً بحسرة لشريكة حياة محبطة مشوشة مفاهيم الخير والشر في ذهنها تقضي الصباح مع برامج تفسير أحلامها البارحة وبعد أن تشقر حواجبها مستغفرة ربها ألف مرة ستقضي الفراغ بين المشاوير مع جديد شريط بداية الذي لا ينتهي.