تقول القصة المغرقة في القدم بأن طفلاً مشاغباً أدخل يده في جرّة من الخزف – سقى الله أياما كانت فيها جرار الماء بمثابة برَّادات طبيعية لا تسبب التهاب اللوزتين – فحاول المسكين سحبها بعد أن علقت دون فائدة؛ هنا «جغر» بأعلى صوته فحضر والداه محاولَين تخليصه من هذا المأزق واستعانا بكل الوسائل الممكنة دون أن يفلحا، وحين يئسا استعانا بالجيران الذين توافدوا واحداً تلو الآخر، فلم يهتدوا جميعاً للوصول إلى الحل خصوصاً مع حركة الطفل وتألمه وصراخه، ولأن الوضع كان طارئاً لا يحتمل التأخير قرروا جميعاً الاستعانة ب«حكيم القرية» الذي تأخر لحظات حسب ما تقتضيه «برستيج التؤدة والوقار»! وبمشاهدة الوضع عن كثب طلب من الجمع التنحي ليباشر المهمة ويقترح حلاً مناسباً للوضع؛ فطاف حول الجرة عدة مرات – فيما الأنظار مركزة عليه – وبعد استقراء للموقف من قبله طلب منهم إحضار سكين تكون شفرتها حادة مع إحضار حجر كبير! وحين رأى الدهشة في عيونهم أخبرهم أن الأداتين هما الحل الوحيد لتخليص الطفل من المأزق الذي وضع فيه نفسه! وحين سألوه باستغراب عن خطته الفريدة في استخدام الأداتين؟ أجابهم بثقة يحسد عليها: نقطع يد الطفل ثم نكسر الجرَّة! فكم يا ترى ممن نراهم وقد توسدوا مهام «الخبراء» في حياتنا ممن يحملون هذا المفهوم والرؤية «القراقوشية»؟! وزيادة على ذلك فهم لا يسمحون لأحد بالتشكيك في رؤيتهم لمعالجة الأمور على هذا المنوال «الغرائبي»! ولا يخامرهم شك في أن نظرتهم هي الثاقبة والصحيحة! فتّشوا ستجدونهم في شتى مناحي الحياة؛ وماذا عليهم – قاتلهم الله – لو أنهم كسروا الجرَّة من البداية وحرروا يد الطفل؟!