لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي صدر قرار ملكي أمس بتعيينه وليّاً للعهد إضافة لمهامه كوزير للدفاع حضور قويّ وبصمة جليّة في مسيرة الدولة السعودية، فهو رجل التاريخ الدقيق والثقافة الأصيلة والإدارة الفاعلة والمتطورة، فضلاً عما عرف عنه من ملامح وفاء نادرة لقيادته وإخوته ومواطنيه. تشهد الرياض كعاصمة سياسية وإدارية للدولة على ما يتمتع به الأمير سلمان من براعة في الحكم والتخطيط والإدارة حينما كان أميراً لها، فقد قفزت المدينة بصورة مذهلة لتنافس في تخطيطها وتوسّعها وتنظيمها مدناً وعواصم عالمية، حتّى باتت رمزاً وملمحاً من ملامح النهضة السعودية. أمّا على النطاق الشخصي، فيلوي الأمير سلمان الأعناق إعجاباً عند تأصيله الدقيق لتاريخ الدولة السعودية وتحليله لنسيج القبائل العربية إذ يكشف عن معلومات ربما لا تتأتى معرفتها إلاّ عن طريق سلمان ذاته، وهو في هذا السبيل أسس لمنظومة تأصيل تراثيّ عبر أكثر من منظومة أصبحت تستشفّ خطاها ورؤيتها واستراتيجيّاتها من آراء الأمير سلمان وكلماته. غير أنّ الأمير سلمان لا يعبأ بمكانته عندما يتعلّق الأمر بالنقاش الفكري، فهو كما عوّد الإعلاميين السعوديين يتواصل معهم بشكل شخصي بعيداً عن البروتوكولات أو دور السلطة، ليتباحث معهم وجها لوجه ويناقشهم في آرائهم وكتاباتهم، ويصوّب أو يصحح لهم ما يخفى عليهم، ويثني ويشدّ على أزر من أصاب، ويشهد الإعلاميون السعوديون وزملاؤهم من مختلف الدول على براعة الأمير سلمان في إدارة دفة الحوار، وسعة ثقافته التي تعطي انطباعاً مدهشاً عنه بعد اللقاء معه. ومع كل الكاريزما التي يحملها الأمير سلمان، إلاّ أن البساطة في التعامل سمة لازمة وأصيلة غير مصطنعة في شخصيّته. إنّ تعيين الأمير سلمان وليّا للعهد – كما كان متوقعاً في أوساط الخبراء والمتابعين – هو خطوة ثابتة تعكس ثبات أسس الحكم في الدولة السعودية، وهو سيحمل على عاتقه مهمة إكمال ما سار عليه الأمير نايف – رحمه الله -، لتبقى سمة السلاسة والاستقرار في الحكم لازمة لسادة هذا الوطن. رحم الله الأمير نايف، وأعان الأميرين سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الدفاع وأحمد بن عبدالعزيز وزير الداخلية على إكمال هرم المسؤولية الذي تسنّمه الفقيد.