على مدى سنوات تولى فيها الأمير سلمان بن عبدالعزيز إمارة منطقة الرياض، كان فيها بمثابة "مهندس البيعة" في قصر الحكم.. برباطة جأش تغلبت على أحزان مقلتيه؛ بسبب فَقد لم يبرأ جرحه، وبحكمة تجاوزت الحاضر للمستقبل نحو مبايعة أولي العهد ملوكاً خلفاً لأشقائهم أبناء المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، فجاءت مراسم المبايعة في عهد توليه مسؤولية "قصر الحكم" وفقاً لما تنصه أحكام الشرع.. جاءت سلسة على الرغم من توافد رؤساء الدول ومسؤوليها، إلى جانب خاصة المجتمع من العلماء وكبار المسؤولين، وحشود المواطنين المتوافدين من المدن والقرى والأرياف لمبايعة الملك وولي العهد على السمع والطاعة في المنشط والمكره. وظل "سلمان" سنداً وعوناً لأشقائه أثناء مبايعتهم، بعد أن حمل على عاتقه استقبال ضيوف المملكة المعزين والمبايعين، وكان أباً روحياً لأبناء الراحلين، متحاملاً على حزنه ونظرته للغد أشمل من الأمس.. على الرغم من تعددية مسؤولياته الجسام في أمارة العاصمة. أول مبايعة تعد مبايعة الملك فيصل - رحمه الله - ملكاً للمملكة، والملك خالد - رحمه الله - ولياً للعهد أول مبايعة في عهد الأمير سلمان أميراً للرياض، في عام 1384ه، حيث احتضن قصر الحكم وسط العاصمة مراسم استقبال المبايعين من أمراء ومسؤولين وعلماء ومواطنين توافدوا من شتى الأرجاء حضراً وبادية، وشهد عام 1395ه، مبايعة الملك خالد ملكاً للبلاد، والملك فهد - رحمه الله - ولياً للعهد، واستطاع الأمير سلمان آنذاك أن ينظم استقبال رؤساء الدول وكبار مسؤوليها لحضور تشييع جثمان الملك الراحل ومواراة جثمانه الثرى ويتبع ذلك مراسم البيعة في "قصر الحكم" التي شهدت توافداً كبيراً من مختلف الأطياف والجنسيات. .. وإلى جوار الملك عبدالله أثناء مبايعته "رفيق الشدة" وشهدت السنوات الأخيرة من عهد الملك خالد -رحمه الله- تدهوراً صحياً اضطره للسفر غير مرة للعلاج خارج المملكة، وكان يرافقه في معظم الرحلات الأمير سلطان - رحمه الله - والأمير سلمان - حفظه الله - إما بمعيتهما معاً أو برفقة أحدهما، حتى حانت قبالة صيف عام 1402ه استقر في "محافظة الطائف" وهناك وافاه الأجل منتقلاً إلى جوار ربه.. في "الرياض" كان الأمير سلمان ينتظر وصول جثمان أخيه الملك الراحل بمعية الأمير سلطان - رحمهما الله - الذي كان مرافقه في الطائف، وثم تولى الأمير سلمان مهمة تولي أمور تنسيق نقل الجثمان ودفنه وذلك بحضوره إلى "مقبرة العود" ومتابعة كافة الإجراءات، فضلاً عن استقبال الوفود الخارجية والداخلية وجموع المعزيين وعلى الرغم من أن قلبه قد فاض حزناً، إلاّ أن ذلك لم يمنعه أن يقف إلى جوار شقيقيه في اليوم الآخر، إذ بُويع الملك فهد - رحمه الله - ملكاً للمملكة، والملك عبدالله - حفظه الله - ولياً للعهد، والأمير سلطان - رحمه الله - نائباً ثانياً، ووقف إلى جواره في الرخاء والشدة مقتفياً أثر "المؤسس" وأخوانه الأسلاف في وحدة صف يربطها حب وطن "المجد والعلياء". ومضت السنون.. وما فتأ الأمير سلمان بن عبدالعزيز وفاءً لأخوته الملوك، حيث كان عهد الملك فهد - رحمه الله - زاخراً بمواقف تقدم دروساً في تعاضد الأخوة، وللتاريخ فيما يروي شواهد لمن يستزيد.. حتى وافت المنية الملك فهد - رحمه الله - في صيف عام 1426ه، وحظيت جنازة "الفهد" بوداع مهيب شهد حضور عشرات قادات العالم، ليتولى بعدها الملك عبدالله مقاليد الحكم ملكاً للمملكة والأمير سلطان - رحمه الله - ولياً للعهد، وذلك في بيعة تمت بقصر الحكم وسط حضور آلاف المواطنين المبايعين من كافة أرجاء المملكة، وظل الأمير سلمان حاضراً بقيادته الحكيمة في تهيئة كافة التنظيمات الكفيلة بمبايعة يشارك فيها مواطنون من كافة أرجاء المملكة إما حضورياً في "قصر الحكم" بالرياض أو من خلال أمراء المناطق، أو كتابياً في إحداهما، إلى جانب تكاتف وحضور أصحاب السمو والمعالي والفضيلة والمسؤولين من مدنيين وعسكريين، وأعضاء السلك الدبلوماسي وشيوخ القبائل في قصر الحكم وحشود من المواطنين. مراسم البيعة في «قصر الحكم» تمت بتنظيم عال بإشراف الأمير سلمان وبمثل ما فعل الأمير سلمان في كافة مراسم البيعات مع الملوك فيصل وخالد وفهد عليهم من الله شأبيب رحمته وغفرانه.. كذلك فعل عندما انتقل ولي العهد الأمير سلطان - رحمه الله - وبُويع بعدها الأمير نايف ولياً للعهد، وذلك بعد أن كان الأمير سلمان مرافقاً للأمير سلطان في رحلته العلاجية هناك في "نيويورك" - وهما اللذان كانا قد رافقا الملك خالد في رحلته العلاجية - حيث وافته المنية بعد معاناة من المرض كان فيها الأمير سلمان أكبر من "العشم"، إذ ظل ملاصقاً لشقيقه في محنته العلاجية على الرغم مسؤولياته، ولم يقطعه عنه سوى أيام العزاء في زوجته "أم فهد" الأميرة سلطانة السديري، وما لبث أن عاد إلى الأمير سلطان وما فارقه إلاّ لتشييع جثمانه ووري "مقبرة العود"، ومرت تلك الأحداث الجسام على الأمير سلمان من دون أن تمنعه من معاضدة شقيقه الأمير نايف أثناء مراسم البيعة في "قصر الحكم" بالرياض. الأمير سلمان ودّع إمارة منطقة الرياض بعد أن تم تعيينه وزيراً للدفاع، بعد أن قضى أكثر من خمسين عاماً في رُبى نجد ولم يتركها إلاّ وقد أصبحت مدينة عصرية، وغيّر بنيتها التحتية، وأسس ودعم عشرات الجمعيات الخيرية والمجتمعية، وتولى مهام الإشراف على مراسم البيعة على مر تسنمه مسؤولية الإمارة، هم الملوك فيصل وخالد وعبدالله، ونايف ولياً للعهد. الأمير سلمان يقف إلى جوار الأمير نايف بعد مبايعته ولياً للعهد كتاب البيعة وثيقة وفاء شعبية لقائدهم الأمير سلمان حين مرافقته والأمير سلطان الملك خالد أثناء رحلته العلاجية .. ومع الأمير سلطان - رحمه الله - بعد عودته من رحلة علاجية الأمير نايف يستقبل المبايعين وإلى جواره الأمير سلمان