أكدت المديرة السابقة لمكتب التربية والتعليم في الخبر، ورئيسة جمعية «بناء» لرعاية الأيتام سابقاً فريدة بشير طحلاوي، أن العمل التطوعي يؤدي دوره الحقيقي عندما يكون موجها أولا بشكل صحيح، وحين تكون أهدافه واضحة جلية، كذلك عندما يكون القائمون عليه أشخاصاً مخلصين هدفهم الأجر والثواب من الله تعالى وليس التفاخر أو الوصول إلى المناصب وحب الظهور من خلاله، وبينت طحلاوي في حوارها مع» الشرق» أن العمل مع الأيتام علمها احترام الآخر بغض النظر عن ظروفه المادية، كما أبدت رغبتها أن تكرم وزارة التربية والتعليم المعلم المتميز، وأن تستبعد المعلم المستهتر إجبارياً، وإلى نص الحوار: * ما أهم البرامج التي أنجزتها في جمعية بناء لرعاية الأيتام خلال فترة وجودك فيها؟ - قدمنا وأعددنا عدة برامج، إلا أن أهمها برنامج«صناعة نجاح»، برنامج «وقاية»، المهرجان الترفيهي الأول، حفلات المعايدة، حفلات النجاح والسحور الرمضاني الخيري، فضلاً عن التواصل مع مؤسسات المجتمع وأفراده لإعداد برامج تخدم فئة الأيتام وأسرهم، وكذلك عملنا دروس تقوية لطالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية من بناتنا اليتيمات من أجل مساعدتهن على الارتقاء بمستواهن الدراسي. * كيف يتداخل العمل الخيري التطوعي مع التعليم؟ - منذ أن كلفت كمسؤولة في مجال التربية والتعليم وأنا أساند كافة الجهات الخيرية والمؤسسات التي تخدم فئات المجتمع المختلفة، وأسعى بكل ما أستطيع إلى تذليل الصعاب التي تواجههم لأن العمل الخيري التطوعي عمل عظيم يؤجر عليه الإنسان ويزيد الترابط بين أفراد المجتمع. * هل يحتاج العمل الخيري إلى تفرغ؟ - إذا نظرنا إلى العمل الخيري بشكله المنظم فهو يحتاج إلى مجهود كبير بلا شك، ولكن بشكل عام ما دام الإنسان يعيش في هذه الحياة سواء كان مرتبطاً بعمل ما أو حتى غير مرتبط يجب أن يقدم ما يستطيع لمن يحتاج المساعدة والمساندة، كما أن ديننا يحفز هذا التوجه في نفوس الناس، كي يساهم الجميع في خدمة المجتمع، كلٌ حسب استطاعته، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. * دعمتِ سابقاً تأسيس أول مكتبة نسائية في الابتدائية السادسة بالثقبة حيث كانت موافقتكِ ودعمكِ لها سبب إنشائها، فهل يمكن تصنيفها كبداية لعلاقتك مع العمل التطوعي؟ - نعم لقد بدأت فكرة إنشاء أول مكتبة نسائية من قبل جمعية فتاة الخليج النسائية الخيرية حيث عرضت علي الفكرة وقد وجدتها فكرة رائعة ورائدة حيث قمت باختيار مدرسة الابتدائية السادسة في الثقبة لإنشاء المكتبة بها بالتعاون مع إدارة المدرسة وقد سعت جمعية فتاة الخليج المتمثلة في عضواتها إلى إنشاء المكتبة على مستوى راقٍ، ولكن تلك المبادرة لم تكن بداية العمل التطوعي بل سبقها الكثير. * كنتِ مديرة لمكتب التربية والتعليم بالخبر وأيضاً رئيسة القسم النسائي بجمعية بناء، فأيهما كان أكثر متعة بالنسبة إليكِ العمل في التعليم أم في المجال الخيري؟ - لقد عملت في مجال التربية والتعليم منذ بداية حياتي العملية وكانت خدمتي تشمل كافة فئات المجتمع دون تحديد والحمد لله فقد كرست حياتي للعمل ولخدمة الناس، أما بالنسبة إلى عملي السابق في الجمعية فهو موجه إلى فئة محددة هي الأيتام وأسرهم، فقدمت كل ما أستطيع لخدمة هذه الفئة الغالية على قلوبنا«الأيتام» وأسرهم من خلال تأسيس القسم النسائي، وحرصت على توفير كل ما يسعدهم ويدعمهم، وأعتبر أي عمل ينتفع به الناس، ويدخل السعادة إلى قلوبهم عملاً ممتعاً، رغم وجود بعض العقبات والمصاعب. * متى يؤدي العمل التطوعي مهمته الحقيقية وهدفه الفعلي؟ - عندما يكون موجها أولا بشكل صحيح وحين تكون أهدافه واضحة جلية، كذلك عندما يكون القائمون على العمل أشخاصا مخلصين هدفهم الأجر والثواب من الله تعالى وليس التفاخر أوالوصول إلى المناصب وحب الظهور. * كلمة أو مقولة أثرت في حياة فريدة طحلاوي، ماهي؟ - قول النبي- صلى الله عليه وسلم – «من لا يشكر الناس لا يشكر الله»، فهذه المقولة النبوية الكريمة، أثرت في حياتي بشكل إيجابي، فدأبت على شكر كل من يبدع في عمله، و يجيده، فالشكر والتقدير من أهم الدوافع للإنسان لاستمرار العطاء. * بعد سنوات من العطاء المتواصل في مجال التعليم بماذا تحتفظ ذاكرة فريدة طحلاوي؟ - بعد سنوات طويلة قضيتها في العمل، تحتفظ ذاكرتي بمواقف جميلة، صحيح أن بعضها صعب، و لكن مهما بذل الإنسان من جهد لبناء الإنسان عماد المجتمع، ولا أنسى موقف طالباتي معي حين وضعتُ ابني في اليوم نفسه الذي توفي والدي فيه، وكانت حالتي النفسية سيئة جداً، وحينها صادف وجود طالبات سبق لي تدريسهن يعملن ممرضات في نفس المستشفى، فاهتممن بي كثيراً، وغمرنني بعنايتهن واهتمامهن، و كن سببا في تخفيف المعاناة عني، وكنت أذكّر المعلمات بهذا الموقف دائماً، خاصة حين أوصيهن بالاهتمام بطالباتهن. * أيهما أكثر تأثيراً على الآخر بحسب رأيك الحياة على العمل، أم العمل على الحياة؟ - كل منهما له تأثير على الآخر لأن نشأة الإنسان وتربيته لهما تأثير كبير عليه فمن نشأ في أسرة تربيه على الأمانة والإخلاص وحب الناس واحترامهم وتحثه على التفاني في العمل كان لحياته تأثير إيجابي على عمله. والعمل له تأثير على الحياة لأن العمل التعليمي له تأثير كبير في بناء شخصية من يقوم بتربيتهم وتعليمهم ونحن في وطننا الحبيب نسعى لبناء الإنسان المخلص والمتميز وهذا يجب أن يكون هدفنا الأول والأخير. * لو عادت فريدة طحلاوي بذاكرتها إلى سنوات مضت، هل كانت لتستمر في التعليم؟ - نعم، لو عدت بذاكرتي إلى الوراء لسنوات مضت لالتحقت بالتعليم، أو أي عمل له علاقة بالتعليم، فأنا أقدس هذه المهنة وأعتبرها الركيزة الأساسية في بناء الأجيال القادمة، الذين هم عدة الوطن في جميع المجالات الوظيفية، فمتى ما صلح المعلم وتميز أصبحت المخرجات التعليمية رائعة، وساهمت في رقي المجتمع. * نظمتِ برنامجاً كاملا للطالبات بهدف تأهيلهن لاختبار القدرات والقياس وأشرفتِ بنفسكِ عليه، فهلا حدثتنا عن تفاصيله ومدى استفادة الطالبات منه؟ - عندما كنت مديرة مكتب التربية والتعليم بمحافظة الخبر نظمت أنا وفريق عمل من المشرفات المتميزات المخلصات بالمكتب برنامجاً تدريبياً متكاملاً للطالبات بالصف الثالث الثانوي بالتعاون مع معلمات المدارس لبرنامج القياس والقدرات حيث كان التدريب مكثفاً، وأعددتُ اختباراتٍ لجميع طالبات المدارس في نفس الوقت وقد كان لهذا مردود كبير جداً على أدائهن بعد ذلك . * يعرف عن فريدة طحلاوي أنها تمتلك شخصية توازن بشكل كبير بين اللين والشدة، فمتى تلجأ إلى استخدام المرونة ومتى تستعمل الصرامة؟ - بطبيعتي مرنة في جميع أمور حياتي ومع كل من أتعامل معهم، ولكن لابد من اللجوء إلى الحزم والشدة مع المستهترين بالعمل، الذين يسوفون وينشغلون بالمهاترات عن العمل الأساسي، فهذه السلوكيات تتنافى مع الإخلاص والجدية، وبالتالي، تقلل الإنتاجية، بينما لو توفرت، فإنها ترفع من مستوى أي مؤسسة وتدفعها للأمام، وهذا هو الهدف الذي يجب أن يسعى إليه جميع أبناء الوطن، لأن الوطن لا يقوم إلا بسواعد المخلصين، وفيما عدا ذلك، أكون مرنة في كل ما يعزز أهداف العمل بلا تشدد أو تعسف، و لو استخدمتُ طرقا عديدة و مختلفة، فتركيزي دوماً على الإنتاجية الفعلية. * هل كرمتِ خلال عملك في مجال التربية والتعليم؟ - نعم وسعدتُ بكل تكريم حصلتُ عليه، أما التكريم الذي أعتز به كثيراً، فهو حفل التوديع الذي أقمنه أخواتي وصديقاتي في مكتب التربية والتعليم بمحافظة الخبر، حيث طبعن كتاباً قدم لي كمفاجئة في الحفل، أسمينه» فريدة الخبر» وثقن به سجلي الوظيفي منذ بداية التحاقي بالرئاسة العامة لتعليم البنات، وكان للكلمات المسطرة داخله أثراً كبيراً في نفسي، كما قدمت لي خلال عملي عدد من الدروع والأوسمة، إضافة إلى شهادات الشكر والتقدير من وزارة التربية والتعليم وكافة الجهات التي تعاونت معها . * قانون تتمنى فريدة طحلاوي أن تتبناه وزارة التعليم وتعتقد أن تطبيقه سيعمل فارقاً حقيقياً؟ - أتمنى أن تركز وزارة التربية والتعليم على المعلم» المتميز» الذي يثبت إخلاصه في العمل، وتستبعد جبرياً وباستخدام القوة المعلم المستهتر الذي يتخذ الوظيفة فقط للراتب ولا يؤدي واجبه بكفاءة، لأن المعلم هو الذي يبني العقول فإذا تقاعس عن أداء عمله من تربية وتعليم، تراجعت الأجيال وحل الخراب .وأتمنى من وزارة التربية والتعليم، أن تكرم المعلمين المتميزين كالسابق، فتمنحهم علاواتٍ تشجيعية، وأتذكر أنني سبق أن حصلت على علاوتين تشجيعيتين خلال فترة عملي كمعلمة وإدارية، كما آمل أن تولي الوزارة» بدل السكن» والتأمين الصحي أهميتهما الحقيقية، فهما يضمنان راحة أكبر واستقراراً للمعلم يجعله أكثر قدرة على الإبداع والتميز في عمله. * علّمت فريدة طحلاوي الأيتام وأمهاتهم الكثير، فماذا علّموها؟ - لقد بنيت جسراً من المحبة بيني وبين الأيتام وأسرهم، وتعلمت منهم أن الإنسان إذا أخلص وأعطى الحنان والاحتواء وعامل الناس بمساواة، بغض النظر عن غناهم أو فقرهم، فسوف يكسب حب الناس واحترامهم، وأبنائي الأيتام علموني احترام الآخر بغض النظر عن ظروفه المادية.