كلما جاء فصل الصيف وجدنا حالة الفراغ تزداد لدى شريحة كبيرة من المجتمع، وهم أهم شريحة تعتمد عليها الدول في بناء المستقبل، شريحة الشباب، ويلاحظ وجود تباين شاسع بين الأجيال خلال هذه المواسم. الكبار ينتقدون، الشباب يشكون عدم الفهم، مما يجعلنا نجدهم في حالة من «التيه» بدون «أخدود». لعل تلك المساحة تبدأ من الفصول الدراسية وتنتهي باستثمار الإجازات الصيفية. لعلنا نتساءل، لماذا كانت الحركات الدينية في السابق تنشط في فصول الصيف، وكانت تخطط من أيام المدرسة، في مخيمات ومعسكرات صيفية، يتم من خلالها استغلال تلك الطاقات الشابة، التي اتضح أنها فيما بعد كانت خلايا نائمة. وبعد أن تفشت ظاهرة التشدد في تلك المعسكرات قامت الجهات المسؤولة بإيقافها ومحاولة عدم الموافقة عليها. وماذا كان البديل؟ غابت البدائل والأفكار التي يمكن أن تخطط لهذا الجيل. كي يكون مبدعاً في مجالاته كما أبدع في تلك الفترة وتفنن في أنواع التشدد، والدخول في متاهات لا نعرف كيف التخلص منها اليوم. أين هو البديل، وما هي المشروعات التي يمكن أن يقدمها؟ لماذا غابت الإدارة المدرسية لسد هذا الفراغ بوضع برامج وخطط علمية تعليمية، هادفة وترك كل ذلك للجمعيات الأهلية (إن وجدت)، والاجتهادات الفردية، والأندية الرياضية، بدون تنسيق في أنواع البرامج التي يمكن أن تقدم لنا جيلا رائعا، لو اهتمت به قليلاً. لماذا تترك العوائل والأسر لتخطيط ما يمكن أن يفعله أبناؤها بدون حالة من الإرشاد من قبل تلك الجهات المسؤولة. علماً بأن نسبة كبيرة من العوائل لا تعرف معني التخطيط بعد. قليلون هم اليوم الذين يقومون بالتخطيط لأبنائهم ، وكثير من العوائل متوسطة الحال نجدهم غائبين عن أبنائهم، مما ينتج حوادث قاتلة، وتسكع في المجمعات التجارية والمصادمة مع رجالات الهيئة في الأسواق. أليس هذا نتيجة لحالة الفراغ التي تركناهم فريسة لها. أعتقد بأننا بحاجة لأن تعود تلك الجهات المسؤولة والتفكير بمنهجية علمية مستفيدة من التجارب الناجحة في دول العالم حول استغلال الإجازة الصيفية، وعمل تجمعات طلابية تركز فيها على اكتشاف مهارات الطلاب، ورسم خطط ناجحة لهم، وكيف يستغلون أوقات فراغهم، وعدم تركهم فريسة للشوارع والتجمعات التي لا تمنحهم سوى مزيد من الفراغ ومزيد من الشكوى والتذمر العائلي بسبب الاجازة الصيفية.